خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بالكتابة إلى الملوك ونحو ذلك.
(وفعله) صلى الله عليه وسلم. واعلم أن القول وإن كان فعلا فهو عمل بجارحة اللسان، والغالب استعماله فيما يقابل الفعل كما هنا، حتى (ولو) كان الفعل (بإشارة) على الصحيح؛ لأنه كالأمر به، كما في حديث كعب بن مالك: (لما تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وارتفعت أصواتهما، حتى سمعها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في بيته، فخرج إليهما، حتى كشف حجرته فنادى فقال يا كعب، قال: لبيك يا رسول الله - فأشار إليه بيده - أن ضع الشطر من دينك، فقال كعب: قد فعلت يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم فاقضه) رواه البخاري ومسلم.
واسم ابن أبي حدرد: عبد الله، واسم أبيه سلامة بن عمير، ومنه (إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أن يتقدم في الصلاة) متفق عليه. (وطاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير، كلما أتى على ركن أشار إليه).
ومن الفعل أيضا: عمل القلب، والترك فإنه كف النفس، وقد سبق أنه لا تكليف إلا بفعل.
فإذا نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أراد فعل شيء كان من السنة الفعلية، كما في حديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينحي مخاط أسامة، قالت عائشة: دعني يا رسول الله حتى أكون أنا الذي أفعل. قال: يا عائشة، أحبيه فإني أحبه) رواه الترمذي في المناقب.
وحديث أنس (أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى رهط - أو أناس - من العجم. فقيل: إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم، فاتخذ خاتما من فضة) رواه البخاري ومسلم.
ومثله حديث جابر (أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمى بيعلى، أو ببركة، أو أفلح، أو يسار أو نافع ونحو ذلك، ثم رأيته سكت بعد عنه، فلم يقل شيئا، ثم قبض ولم ينه عن ذلك) رواه مسلم.
وإذا نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ترك كذا، كان أيضا من السنة الفعلية، كما ورد (أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم إليه الضب فأمسك عنه وترك أكله: