قبل أن أبدأ في اختصار وشرح رسالة الأصول من علم الأصول لابد من التقدمة بين يدي ذلك بذكر بعض الجمل في الحد من: تعريفه وبيان أقسامه وشروطه ومداخل الخلل فيه، ونحو ذلك، وذلك نظرا لكثرة حاجتنا إليها عند الكلام على الحدود التي ذكرها الشيخ.
قال الميداني في ضوابط المعرفة (ص/30) (?): (تنقسم المفردات التصورية الواقعة في الذهن إلى قسمين:
القسم الأول- الجزئيات. القسم الثاني: الكليّات.
ولكي نعرف الجزئيات والكليات لا بد أن نعرف ما هو الجزئي وما هو الكلى أولاً، ثم ننتقل إلى بيان الكليات وأقسامها، وما يلحقها من بيان الجزئيات.
أما الجزئي- فهو كل مفهوم ذهني يمتنع فرض صدقه على أكثر من فرد واحد بعينه. ويدل على الجزئي في الكلام الاسم العَلَم وما هو في قوته نحو: سعيد - خالد- صالح- فالاسم العلم موضوع لفرد بعينه، ومع تخصيص الوضع له بالفرد المعين لا يتصور الفكر جواز إطلاقه على فرد آخر مهما كان مماثلا له، لأن العَلم لم يوضع له إلا لتمييزه عن كل فرد سواه.
وحينما يشترك جزئيان في اسم علم واحد فإن لكل منهما اسما خُصص له بالوضع غير اسم الأخر، فهما في الحقيقة عَلَمان لا علمٌ واحد، ولو تشابها في اللفظ، لأن من سمّاهما لم يضع في الأصل اسما واحدا إذا أطلق فُهم منه هذا أو هذا، وإنما وضع لهذا اسمه الخاص به، ولهذا اسمه الخاص به، وصادف تشابه الاسمين في اللفظ.
وأما الكلي- فهو كل مفهوم ذهني لا يمنع تصوُّرُه من وقوع الشركة فيه، وإن
كان لا يصدق في الواقع إلا على فرد واحد فقط، أو لا يوجد منه في الواقع أي فرد.