من زمان إلى زمان) (?).

القول الثالث - التفصيل بين الخبر عن الماضي فيمتنع نسخه؛ لأنه يكون تكذيبا، دون المستقبل؛ لجريانه مجرى الأمر والنهي، فيجوز أن يرفع به، وهذا القول اختيار ابن عقيل، والخطابي، وابن القطان، وسليم الرازي، والبيضاوي في ' مختصره '.

وهذا التفصيل مبني على أن الكذب لا يكون في المستقبل، بل في الماضي، ومنصوص أحمد أنه يكون في المستقبل كالماضي.

وقد بين الرزكشي أن الخلاف في مسألة النسخ في الأخبار بين من جوزه ومن منعه يرجع إلى الخلاف في حد النسخ عنده.

فقال في "البحر المحيط" (3/ 177): (أن الخلاف مبني على تفسير النسخ وهل هو رفع أو بيان كما صرح به القاضي فقال: ذهب كل من قال بأن النسخ بيان (?) وليس برفع حقيقي إلى جواز النسخ في الأخبار على هذا التأويل، قال: وأما نحن إذا صرنا إلى أنه رفع لثابت حقيقي وأن المبين ليس بنسخ أصلا فلا نقول على هذا بنسخ الأخبار لأن في تجويزه حينئذ تجويز الخلف في خبر الله وهو باطل وهذا بخلاف تجويز النسخ في الأوامر والنواهي لأنه لا يدخلها صدق ولا كذب. اهـ، ومن هذا يعلم أن من وافق القاضي في تفسيره بالرفع وقال بتجويز النسخ في الأخبار فلم يتحقق ولم يقف الهندي على كلام القاضي فقال لا يتجه الخلاف إن فسرنا النسخ بالرفع لأن نسخه حينئذ يستلزم الكذب وإنما يتم إذا فسرناه بالانتهاء فإنه لا يمتنع حينئذ أن يراد من الدليل على ثبوت الحكم في كل الأزمنة لا بعضها).

والذي أراه في هذه المسألة أن كلا القولين بالمنع والجواز لم يتواردا على محل واحد وأن الخلاف بينهما خلافا لفظيا، فمن قال بالمنع نظر للخبر قبل وقوعه، ومن قال بالجواز نظر إليه بعد وقوعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015