الفطر بمجيء النهار ليس نسخا ; لأنه لم يكن بطريق شرعي، بل بانتهاء غاية الحكم، وانقضاء وقته، ويلزم من عرف النسخ بانتهاء مدة الحكم، أن يجعل دخول الليل نسخا للصوم؛ لأن بدخوله بان انتهاء مدة الصوم، لكن لم يسم الأصوليون ذلك نسخا).
قوله (السنة) يدخل في عمومها النسخ بالفعل والتقرير.
سبق وأن ذكرت قول الشيخ: (ما دمنا قلنا: "رفع" فإنه يلزم أن يكون الناسخ متأخرا عن المنسوخ؛ لأن الرافع يكون بعد المرفوع) فالشيخ يرى أن تعريف النسخ بأنه رفع يغني عن ذكر قيد التراخي.
وتعقب الطوفي هذه الملازمة فقال في "شرح مختصر الروضة" (2/ 258): (الاحتراز الثالث: اشتراط التراخي في الخطاب الرافع، حيث قلنا: رفع الحكم بخطاب متراخ: احتراز من زوال الحكم بخطاب متصل، كالشرط والاستثناء، نحو: أنت طالق إن دخلت الدار، فإن قوله: إن دخلت الدار. قد رفع حكم عموم وقوع الطلاق، الذي دل عليه: أنت طالق. وقوله: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة، هذا الاستثناء رفع عموم الطلاق الثلاث، حتى رده إلى اثنتين. وقوله تعالى: (فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) [البقرة: 230]؛ فالغاية المذكورة رفعت عموم التحريم؛ فهذا كله وأمثاله ليس بنسخ؛ لأنه وإن كان رفعًا لحكم بخطاب، لكن ذلك الخطاب غير متراخ؛ فهو تخصيص لا نسخ، وهو معنى قولنا: فإنه بيان لا نسخ؛ لأن التخصيص بيان).
وأعلم أن هذا القطع للملازمة لا يلزمنا، فالتخصيص عندنا قصر وليس بإخراج ولا رفع، ويلزم من ذلك أن يكون التخصيص بيانا لا رفعا للحكم، وعليه فالمستثني لم يدخل في الحكم حتى يخرج منه، وعليه فيلزم من تعريف النسخ بأنه رفع عدم دخول التخصيص في التعريف، فلا يلزم ذكر قيد التراخي.
إلا أن الأولى ذكر هذا القيد للدلالة على ضرورة تأخر الناسخ عن المنسوخ، وخروجا من الإجمال إلى البيان لا لإخراج التخصيص.
وأولى التعريفات ما اختاره الطوفي بأنه: (رفع الحكم الثابت بطريق شرعي، بمثله، متراخ عنه).
قال في "شرح مختصر الروضة" (2/ 259): (قوله: «والأجود»، أي: في