حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) [البقرة: 233]، ومثل قوله عز اسمه: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79]، فإن هذا ظاهره ظاهر الخبر، غير أنا حملناه على الأمر بدليل أنا لو حملناه على ظاهره لأدى أن يكون خبر الله بخلاف مُخبَرِه؛ لأنا نجد الوالدات يرضعن أولادهن أكثر من حولين وأقل من حولين، نرى المصحف يمسه الطاهر وغير الطاهر فحملنا قوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ) أي يجب على الوالدة أن ترضع الولد، وحملنا قوله: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أي لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون).
وإذا دققت النظر في هذين المثالين تجد أن الشيخ قد ذكر أن المعنى المتبادر منهما هو الخبر، وهناك احتمال بعيد بأن المراد منهما الإنشاء، وقد اختار الشيخ العدول إلى هذا الاحتمال البعيد لما ذكره من دليل حسي، وهذا هو التأويل - كما سيأتي - لا الظاهر، وعليه فلا يصح هذا القسم من أقسام الظاهر (?).
حول معنى التعريف الذي ذكره تدور تعريفات الحنابلة ومن هذه التعريفات:
ما قاله أبو يعلى في "العدة" (1/ 140): (الظاهر: ما احتمل معنيين أحدهما أظهر من الآخر).
ونحوه تعريف ابن قدامة في "روضة الناظر" (1/ 178): (الظاهر وهو ما يسبق إلى الفهم منه عند الإطلاق معنى مع تجويز غيره، وإن شئت قلت: ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر).
ونقله الطوفي في "مختصر الروضة" (ص/42) فقال: (والظاهر: اللفظ المحتمل معنيين فأكثر، هو في أحدها أظهر، أو ما بادر منه عند إطلاقه معنى مع تجويز غيره).
ثم تعقيه في الشرح (1/ 558) بقوله: («اللفظ المحتمل معنيين فأكثر هو في أحدها أظهر» وينبغي أن يقال: هو في أحدها أرجح دلالة، لئلا يصير تعريفا للظاهر بنفسه.
فقولنا: هو اللفظ المحتمل معنيين: احتراز من اللفظ الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا، فإن ذلك هو النص كما سبق.