بقولنا: هو إخراج بعض الجملة، «تناقض» لأن هؤلاء قالوا: تعريف الاستثناء بإخراج بعض الجملة يقتضي أن ذلك البعض دخل في الجملة المستثنى منها، ثم أخرج بالاستثناء؛ فيكون تناقضًا؛ لأنه إذا قال: قام القوم، اقتضى قيام زيد فيهم، فإذا قال: إلا زيدًا، اقتضى أنه لم يقم فيهم؛ فصار التقدير: قام زيد، لم يقم زيد، وذلك تناقض، وعلى هذا بني أبوبكر من أصحابنا أن الاستثناء في الطلاق لا يصح؛ لأنه إذا قال: أنت طالق ثلاثًا، وقعت ثلاث، فإذا قال: إلا واحدة، لم ينفعه؛ لأن الطلاق إذا وقع، لا يرتفع، ولأنه يلزم التناقض المذكور في الطلقة الثالثة.

- قوله: «وليس بشيء»، أي: هذا السؤال ليس بشيء، ولا تناقض في تعريف الاستثناء بالإخراج لوجهين:

أحدهما: أن متقدمي أهل العربية عرفوه بالإخراج، قال ابن جني، وحسبك به مقدمًا في هذا الشأن: الاستثناء: أن تخرج شيئًا أدخلت فيه غيره، أو تدخله فيما أخرجت منه غيره، وحينئذ يجب المصير إلى ما قالوه، واعتقاد أن لا تناقض في ذلك؛ لأنهم أهل اللغة، وهي وأهلها بريئون من التناقض فيها.

الوجه الثاني: أنا إذا قلنا: قام القوم؛ فقد أسندنا القيام إلى جميعهم لعموم اللفظ فيهم، وذلك يتناول زيدًا وغيره، ولا معنى لدخوله في المستثنى منه، إلا أن القيام منسوب إليه كغيره، فإذا قلنا بعد ذلك: إلا زيدًا؛ فقد أخرجناه منهم بعد دخوله فيهم، نعم، دخوله فيهم دخول لفظي لا معنوي؛ لأن القائل يقول: قام القوم، مع اعتقاده أن زيدًا لم يقم معهم، ولذلك عطف عليه؛ فاستثناه منهم، وإذا كان دخول المستثنى وإخراجه لفظيًا: لم يلزم منه تناقض ... )

هذه المسألة سبق وأن تكلمنا عليها في الفرق بين النسخ الجزئي والتخصيص وأنه يزاد في تعريف التخصيص قيد "قبل تقرر الحكم".

والطوفي هنا بين أن المقصود من دخول المستثني إنما هو دخول لفظي لا حكمي، وهذا نحو ما سبق وأن قررناه من أن التخصيص هو قصر حكم العام لا قصر لفظه وعليه فيكون الخلاف لفظيا (?) ولكن الإخراج المذكور في عبارة الطوفي يحتمل أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015