العثور على الدليل في حقه يقينا وانتفاء الدليل في نفسه مظنون وهو الظن بالصحابة في المخابرة ونظائرها وكذلك الواجب في القياس والاستصحاب وكل ما هو مشروط بنفي دليل آخر).
ولا شك أن من عجز عن تمام اليقين فليس عليه أن يترك ما يقدر عليه من اعتقاد قوي غالب على ظنه.
قال الشيخ: (وإذا ورد العام على سبب خاص وجب العمل بعمومه؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا أن يدل دليل على تخصيص العام بما يشبه حال السبب الذي ورد من أجله فيختص بما يشبهها).
وقال في "الأصل" (ص/36): (مثال ما لا دليل على تخصيصه: آيات الظهار فإن سبب نزولها ظهار أوس بن الصامت والحكم فيه عام فيه وفي غيره.
ومثال ماد دل الدليل على تخصيصه قوله صلي الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر) فإن سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال: (ما هذا؟ قالوا صائم. فقال: " ليس من البر الصيام في السفر) فهذا العموم خاص بمن يشبه حال هذا الرجل وهو من يشق عليه الصيام في السفر والدليل على تخصيصه بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر حيث كان لا يشق عليه ولا يفعل صلى الله عليه وسلم ما ليس ببر).
هذا الذي اختاره الشيخ هو الراجح من قولي الحنابلة في المسألة.
قال ابن اللحام في " القواعد والفوائد" (ص/ 240): (إذا ورد دليل بلفظ عام مستقبل ولكن على سبب خاص فهل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب في ذلك مذهبان:
أحدهما العبرة بعموم اللفظ وهو قول أحمد وأصحابه ... والمذهب الثاني العبرة بخصوص السبب وذكره أبو العباس رواية عن أحمد ... وحكاه القاضي في الكفاية عن بعض أصحابنا ... ).
قال الشنقيطي في "المذكرة" (ص/209): (تحرير المقام في هذه المسألة أن العام الوارد على سبب خاص له ثلاث حالات: