وأشار إلى ذلك أيضا صاحب تيسير التحرير، فإنه قال: إن إفادة (كان يفعل) التكرار أكثرية لا كلية.
وعندي أن إفادة (كان يفعل) للمرة الواحدة، حق، ولكن في بعض المواقع دون بعض. فإنا قد ذكرنا أن المضارع المجرّد من (كان) قد يدل على المرة إن كان الفعل مستمرا إلى زمن التكلم، فإذا دخلت عليها (كان) أفادت ذلك الاستمرار في الزمن الماضي إلى لحظة معينة من الماضي. ومثاله أن تقول: (الخطيب يتكلم الآن على المنبر) فإذا أردت نقل ذلك إلى الماضي مع استمرار الفعل إلى وقت معين، تقول مثلاَ: دخلت المسجد وكان الخطيب يتكلم.
فهذا استعمال آخر غير الاستعمال الأول، ولكل منهما موضعه، ولا يتوارد الاستعمالان على موضع واحد.
وعلامة هذا النوع أن يذكر أمر كالدخول في المثال السابق، ويكون الفعل سابقا له مستمراً إليه. فما عدا هذا النوع تكون دلالته على التكرار كلية لا أكثرية فقط. فهذا تو ضيح لما في كلام ابن دقيق العيد من الإجمال.
2 - المواظبة والدوام:
ومعناه عدم تخلل الترك. فهو أخص من التكرار. فإن تكرار الشيء هو فعله مرتين أو ثلاثاً أو أكثر، وهو واضح في (كان يفعل). أما الدوام الذي لا يتخلله ترك، فقد ادعاه في هذا التركيب (كان يفعل) بعض الحنابلة، ونسبه ابن تيمية (?) إلى أبي يعلى وأبي الخطاب الحنبليين. واستدل به أبو يعلى على الوجوب، وقال في حديث عبدالله بن زيد في استيعاب مسح الرأس: (هذا إخبار عن دوام فعله، وإنما يداوم على الواجب) ويعني بالدوام ما لم يتركه ولو مرة ...
الذي أريد هنا بيانه أن (كان يفعل) لا تدل على الدوام، وإنما تدل على التكرار والعادة الماضية.
ودليلنا على أن (كان يفعل) لا تدل على الدوام، أنها تدل في الماضي على ما يدل عليه (يفعل) في الحاضر، وقولنا (زيد يقري الضيف) لا يدل على أن قراه للضيف لا