على ذلك الإتلاف، إذ الإتلاف سبب، وهو من الحكم الوضعي الذي لا يشترط فيه علم المكلف. وقد اتفق على هذا فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
والقاعدة: (لا فرق في ضمان المتلف بين العلم والجهل).
3 - أن يكون ذلك الفعل المنهي عنه يترتب على ارتكابه عقوبة، فإذا تعلق به الجهل فإنه يكون شبهة في إسقاط تلك العقوبة:
وبهذا قال جميع فقهاء المذاهب الأربعة، وكذلك الظاهرية.
والقاعدة في هذا: (أن من جهل حرمة شيء مما يجب فيه الحد أو العقوبة وفعله لم يحد).
قال في شرح مختصر الروضة: (أسباب العقوبات كالقصاص، لا يجب على مخطئ في القتل؛ لعدم العلم، وحد الزنى لا يجب على من وطئ أجنبية يظنها زوجته؛ لعدم العلم أيضا ... إذ العقوبات تستدعي وجود الجنايات التي تنتهك بها حرمة الشرع زجرا عنها وردعا، والانتهاك إنما يتحقق مع العلم ... والجاهل قد انتفى ذلك فيه، وهو شرط تحقق الانتهاك، فينتفي الانتهاك لانتفاء شرطه، فتنتفي العقوبة لانتفاء سببها).
المبحث الثاني: وقوع الجهل فيما يتعلق بحقوق العباد
إذا تعلق الجهل بحق من حقوق العباد، كإتلاف مال الغير جهلا، فإن الضمان يجب، ولا ينتهض الجهل عذرا لدفع الضمان. وبهذا قال فقهاء المذاهب الربعة، وأيضا الظاهرية.
فالجهل لا يكون عذرا في حقوق العباد؛ لأنها مبنية على المشاحة والمضايقة).
فتحصل مما سبق أن ترك المأمورات يعذر فيها المكلف بالجهل بشروط:
1 - ألا يكون مفرطا وهذا ذكره الشيخ العثيمين.
2 - ألا يكون الفعل ممكنا وهذا ذكره تقي الدين وفسرناه بأن يعرض له عارض يجعله غير قادر على أداء الفعل - داخل وقته -، أو يخرج وقت الفعل والجمهور على أن المكلف يقضي الفعل سواء أكان الوقت باقيا أم خرج الوقت وقولهم أقوي وأحوط وأبرأ للذمة لعموم حديث (فدين الله أحق أن يقضي) والمسألة فيها نزاع طويل لعدم ورود أمر جديد.