صلّى الله عليه وسلّم: (افعل ولا حرج)، في جواب من سألوه في حجة الوداع عن

تقديم أفعال الحج التي تفعل يوم العيد بعضها على بعض).

وقال في "الشرح" (ص/162): (هذا الأمر وقع جوابا لما يتوهم أنه محظور فلا يكون للاستحباب ولا للطلب ولكنه للإباحة).

لم أقف على من ذكر هذه القاعدة غير الشيخ - رحمه الله - ومن وجهة نظري أن معنى هذه القاعدة أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم إنما يكون لدفع توهم الحظر، وبيان المشروعية، لا لمجرد كون الأمر مباحا.

ومن الأمثلة الدالة على أنه قد يرد مرادا به الوجوب: قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه عندما تحرجوا من التحلل من العمرة: (هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدي فليحل الحل كله فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم

القيامة) (?).

فقوله: (فليحل) لبيان وجوب التحلل من العمرة لمن كان متمتعا، ودفعا لتوهم الحظر فقد كانوا يعتقدون حظر العمرة في أشهر الحج فبين لهم النبي الجواز ودفع عنهم هذا التوهم.

التهديد:

قال في الأصل: (التهديد كقوله تعالى: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، (مَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً)، فذكر الوعيد بعد الأمر المذكور دليل على أنه للتهديد).

قال ابن النجار في شرح الكوكب (3/ 23) وهو يتكلم عن المعاني التي ترد لها صيغة الأمر: ((و) الحادي عشر: كونها بمعنى (تهديد) نحو قوله تعالى (اعملوا ما شئتم) وقوله تعالى (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم). (و) الثاني عشر: كونها بمعنى (إنذار) نحو قوله تعالى (قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) وقد جعله قوم قسما من التهديد، وهو ظاهر البيضاوي، والصواب المغايرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015