قال الكلوذاني في التمهيد (1/ 179): (لنا أن الشرع لم يرد بأمر بعد الحظر إلا والمراد به الإباحة بدليل قوله تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) [المائدة: 2]، (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض)، (فإذا تطهرن فأتوهن)، وقوله عليه السلام: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)، (كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فادخروها) فدل أن هذا مقتضاه، فإن قيل قد ورد أيضا والمراد به الوجوب بدليل قوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين). قيل: لا نسلم أن قتل المشركين استفيد بهذه الآية وإنما استفيد بآيات آخر نحو قوله: (فإن قاتلوكم فاقتلوهم)، وقوله: (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين)، وغير ذلك من الآيات والأخبار).
ومما يشكل على استقراء الكلوذاني أمثلة كثيرة منها:
قال ابن اللحام في قواعده (ص/166): (الأمر بزيارة القبور للرجال أخذ غير واحد من أصحابنا من كلام الخرقى أنها مباحة لأن الأمر بزيارتها أمر بعد حظر فيقتضى الإباحة بناء على القاعدة ولكن المذهب المنصوص عن أحمد أنها مستحبة وذكره بعضهم إجماعا لأنه وإن كان بعد حظر لكنه علله عليه الصلاة والسلام بتذكر الموت والآخرة وذلك أمر مطلوب شرعا ...
ومنها أمره صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى المخطوبة هو أمر بعد حظر فيقتضى الإباحة بناء على القاعدة وهذا أحد الوجهين لأصحابنا وهو إباحة النظر لا استحبابه، والوجه الثاني وجزم به جماعة من الأصحاب منهم أبو الفتح الحلوانى وابن عقيل وصاحب الترغيب استحباب النظر إلى المخطوبة؛ لأنه وإن كان أمرا بعد حظر لكنه معلل بعلة تدل على أنه أريد بالأمر الندب وهى قوله صلى الله عليه وسلم: (فهو أحرى أن يؤدم بينكما) ... ) وذكر أمثلة وفروعا أخرى كثيرة على هذه القاعدة فلينظرها من شاء.
سبب الخلاف:
اتفق أصحاب القولين على أن تقدم الحظر على الأمر قرينة توجب صرف الأمر