[العنكبوت: 65] ليكون ثمرة شركهم أن يجحدوا نعم الله ويتمتعوا بالدنيا. وقيل: هما لام أمر معناه التهديد والوعيد. أي أكفروا بما أعطيناكم من النعمة والنجاة من البحر وتمتعوا).
قال الشربيني في "تفسير السراج المنير" (3/ 201): (وفي اللام في قوله تعالى: (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) وجهان: أظهرهما أن اللام فيه لام كي أي: يشركون ليكونوا كافرين بشركهم نعمة النجاة فيكون ذلك فعل من لا عقل له أصلاً وهم يتحاشون عن مثل ذلك، والثاني: كونها للأمر (وَلِيَتَمَتَّعُوا) باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادّهم عليها، وقرأ ورش وأبو عمرو وابن عامر وعاصم بالكسر وهي محتملة للوجهين المتقدّمين، والباقون بالسكون وهي ظاهرة في الأمر فإن كانت اللام الأولى للأمر فقد عطف أمراً على مثله، فإن قيل كونها للأمر مشكل إذ كيف يأمر الله تعالى بالكفر وهو متوعد عليه؟
أجيب: بأن ذلك على سبيل التهديد كقوله تعالى: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) [فصلت: 40]
وإن كانت للعلة فقد عطف كلاماً على كلام فيكون المعنى لا فائدة لهم في الإشراك إلا الكفر والتمتع بما يستمتعون به في العاجلة من غير نصيب في الآخرة).
والأقوى عندي كلام الشيخ العثيمين من كون اللام هي لام التعليل.
قال الطبري في "تفسيره" (20/ 61): (لام قوله: (لِيَكْفُرُوا) صلُحت أن تكون بمعنى كي؛ لأنها شرط، لقوله: إذا هم يشركون بالله كي يكفروا بما آتيناهم من النعم).
قال ابن كثير في "تفسيره" (3/ 442): (هذه اللام يسميها كثير من أهل العربية والتفسير وعلماء الأصول لام العاقبة لأنهم لا يقصدون ذلك ولا شك أنها كذلك بالنسبة إليهم وأما بالنسبة إلى تقدير الله عليهم ذلك وتقييضه إياهم لذلك فهي لام التعليل).
قال الشيخ: (وقد يستفاد طلب الفعل من غير صيغة الأمر مثل أن يوصف بأنه فرض، أو واجب، أو مندوب، أو طاعة، أو يمدح فاعله، أو يذم تاركه أو يترتب على فعله ثواب، أو على تركه عقاب).
هذه الصيغ التي ذكرها الشيخ هنا تدل على مطلق الطلب للفعل سواء أكان جازما أم غير جازم فيدخل فيها الواجب والمندوب.