قال ابن أم قاسم في "الجنَى الداني في حروف المعاني": (لام الأمر، والأولى أن يقال: لام الطلب، ليشمل: الأمر نحو (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) [الطلاق: 7]، والدعاء نحو (لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) [الزخرف: 77]، قيل: والالتماس، كقولك لمن يساويك: لتفعل، من غير استعلاء. وذلك لأن الطلب إذا ورد من الأعلى فهو أمر، وإذا ورد من الأدنى فهو دعاء، وإذا ورد من المساوي فهو التماس.
وهذه اللام التي للطلب كصيغة افعل، في أنها قد ترد لمعان أخر، غير الطلب، كالتهديد نحو قوله تعالى: (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (?) [العنكبوت: 66] والأصل في ذلك معنى الطلب.
حركة هذه اللام الكسر. ونقل ابن مالك أن فتحها لغة، وحكاه الفراء عن بني سليم. ويجوز إسكانها بعد الواو والفاء، وهو أكثر من تحريكها نحو (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي) [البقرة: 186]، ويجوز إسكانها بعد ثم، وليس بضعيف، ولا مخصوص بالضرورة، خلافاً لزاعم ذلك. وبه قرأ الكوفيون، وقالون، والبزي (ثُمَّ لْيَقْطَعْ [الحج: 15]).
تنبيه - الفرق بين لام الأمر ولام التعليل:
فرق الشيخ في شرح الأصول (ص/140) بين لام الأمر ولام التعليل فقال: (إذا كانت للتعليل فهي لام كي، لا تسمى أمرا، وإذا كانت لغير التعليل وتفيد الطلب فهي لام الأمر، وهناك فرق لفظي بينهما: إذا وقعت ساكنة بعد ثم والواو والفاء فهي لام الأمر مثل قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ) [الحج: 15]، اللام هنا في الموضعين لام الأمر، وكذلك في قوله: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [الحج: 29] اللام أيضا لام الأمر ولو كانت لام كي لوجب أن تكسر مثل قوله: (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ) [العنكبوت: 66]).