المذهب الثاني: أن الأمر بالشيء ليس عين النهى عن ضده، ولكنه يستلزمه، وهذا هو أظهر الأقوال لأن قولك أسكن مثلا يستلزم نهيك عن الحركة لان المأمور به لا يمكن وجوده مع التلبس بضده لاستحالة اجتماع الضدين وما لا يتم الواجب إلا به واجب، وعلى هذا القول أكثر أصحاب مالك، وإليه رجع الباقلانى في آخر مصنفاته وكان يقول بالأول.
المذهب الثالث: أنه ليس عينه ولا يتضمنه وهو قول المعتزلة والأبياري من المالكية، وإمام الحرمين والغزالى من الشافعية، واستدل من قال بهذا بأن الآمر يجوز أن يكون وقت الأمر ذاهلا عن ضده وإذا كان ذاهلا عنه فليس ناهياً عنه إذ لا يتصور النهى عن الشيء مع عدم خطوره بالبال أصلا، ويجاب عن هذا بأن الكف عن الضد لازم لأمره لزوما لا ينفك، إذ لا يصح امتثال الأمر بحال إلا مع الكف عن ضده فالأمر مستلزم ضرورة للنهى عن ضده لاستحالة اجتماع الضدين) (?).