وخرج بقولنا: " طلب الفعل " النهي؛ لأنه طلب ترك، وليس المقصود بالفعل هنا قسيم القول، بل المراد بالفعل هنا الإيجاد ولو كان قولا. فإذا قلت لك: قل لاإله إلاالله، فهذا أمر؛ لأنني أمرتك أن توجد هذا القول، فيسمى أمرا.
وخرج بقولنا: " على وجه الاستعلاء " الالتماس والدعاء وغيرهما مما يستفاد من صيغة الأمر بالقرائن.
الالتماس يكون من مساو، أما الدعاء فيقولون إن كان من أدنى إلى أعلى فهو دعاء وهو صحيح بالنسبة لله عزوجل، فلا شك أنه دعاء، أننا إن سألنا الله عزوجل فإننا ندعوه. لكن إن كان من أدنى إلى أعلى فينبغي أن لا نسميه دعاء، بل نسميه سؤالا؛ لأنه لا ينبغي أن يكون الدعاء إلا إلى الله عزوجل.
هناك ألفاظ تترد عند الكلام على تعريف الأمر وهي: العلو، والاستعلاء وبينهما فرق وقد اختلف الأصوليون في اشتراطهما، أو أحدهما في حد الأمر على أقوال أربعة يأتي بيانها بإذن الله في التنبيه التالي.
قال المرداوي في التحبير (5/ 2176): (قوله: {فالاستعلاء طلب بغلظة، والعلو كون الطالب أعلى رتبة، قاله القرافي}. فقال في ' التنقيح ': الاستعلاء هيئة في الأمر من الترفع وإظهار القهر والعلو يرجع إلى هيئة الآمر من شرفه وعلو منزلته بالنسبة إلى المأمور. انتهى ... قال ابن العراقي: فالعلو صفة للمتكلم، والاستعلاء صفة للكلام).
الشيخ - رحمه الله - اختار اشتراط الاستعلاء دون العلو وهو واضح من تعريفه، وقال في شرح الأصول (ص/137): (والعلماء اختاروا "على وجه الاستعلاء"؛ لأنها أصح من كلمة "على وجه العلو".
ثم الاستعلاء إما أن يكون بجدارة وأحقية، وإما أن يكون بالسيطرة والقوة.
فالاستعلاء إما أن يكون بحق وجدارة كالأوامر الواردة من الله إلينا وكذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا، وكذلك من الأب لابنه، وما أشبه ذلك، فهذا