ومع التسليم بأن المراد بالمطهرين: الملائكة، كما هو قول جمهور المفسرين، فإنه يمكن الاستدلال بالآية بقياس بني آدم على الملائكة، أو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (من باب التنبيه والإشارة؛ لأنه إذا كانت الصحف التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا ينبغي أن يمسها إلا طاهر، والحديث مشتق من هذه الآية).
وليس الغرض التعرض لمناقشة هذه المسألة وإنما الغرض معرفة كيفية الاستدلال بالآية في محل النزاع (?).
بعد أن تكلم الشيخ عن تقسيم الكلام من حيث إمكان وصفه بالصدق وعدمه (خبر، وإنشاء) ثم تكلم عن تقسيم الكلام باعتبار آخر وهو من حيث الاستعمال وقسمه بهذا الاعتبار إلى حقيقة ومجاز، وفي كلامه مسائل.
المستقرئ للجانب التاريخي لظهور المجاز يجد أن العرب لم يعرف عنهم تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ولم يذكر عنهم التعبير بلفظ المجاز الذي هو قسيم الحقيقة عند أهل الأصول، وإنما هذا اصطلاح حدث بعد القرون المفضلة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (7/ 88، 89)، (12/ 277): (فهذا التقسيم اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة لم يتكلم به أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم، .. بل ولا تكلم به أئمة اللغة، .. ولا من سلف الأمة، وعلمائها وإنما هو اصطلاح حادث، .. فإن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة، ومجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة، وظهرت أوائله في المائة الثالثة، وما علمته موجودا في المائة الثانية) (?).
وقد اختلف العلماء في المجاز بين مجيز، ومانع، ومفصل فالجمهور على الجواز