يعني لو حذف وقال: "إدراك الشيء إدراكًا مطابقًا" لصح التعريف ولما كان فيه زيادة).
اعترض على الحد بأنه غير جامع لعدم شموله للعلم بالمعدوم فمن المقرر عند أهل السنة والجماعة أن المعدوم ليس بشيء خلافا للمعتزلة - كما سبق بيانه -، وكونه ليس بشيء فلا يدخل في الحد المذكور.
قال المرداوي في "التحبير" (1/ 219): (الشيء لا يكون إلا للموجود، فخرج غيره - أي المعدوم -، فليس بجامع) (?).
قال الباجي في الحدود (ص/24) بعد أن عرف العلم بأنه (معرفة المعلوم على ما هو به): (وإنما قلنا المعلوم ليدخل تحته المعلوم المعدوم، والموجود، ولا يصح أن يقال إنه "معرفة الشيء على ما هو به" على قولنا أن المعدوم ليس بشيء؛ لأن ذلك كان يخرج المعلوم المعدوم عما حددناه، ويوجب ذلك بطلان الحد لقولنا وقول أكثر الأئمة أن المعدوم يصح أن يعلم. بل نعلم ذلك من أنفسنا ضرورة إن علومنا تتعلق بما عُدم من غزوة بدر وأحد، وظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - وكثير من الصحابة - رضي الله عنهم - ممن وقع لنا العلم به من جهة الخبر المتواتر ... ).
وإنما يعترض على تعريف الباجي بأمور ذكرها المرداوي في "التحبير" (1/ 219): معترضا بها على من عرف العلم بأنه (معرفة المعلوم) فقال: (الثاني قاله القاضي أبو بكر ابن الباقلاني، والقاضي أبو يعلى، وأبو الفرج في مقدمة ' الإيضاح '، وأبو الخطاب، وأبو المعالي في ' الورقات '، وغيرهم هو: (معرفة المعلوم).
ورد بوجهين: أحدهما: بكون المعرفة مرادفة للعلم، وتعريف الشيء بمرادفه لا يصح. والثاني: أن لفظ معلوم مشتق من العلم، ولا بد من معرفته، فيحتاج في معرفة العلم إلى معرفة العلم، وهو دور. ولكن المعلوم يشمل الموجود وغيره، فكان أجمع من التعريف الذي قبله. قال في ' نهاية المبتدئين ': (فيه دور يمتنع، وتعريف بالأخفى، وعلم الله لا يسمى معرفة فلا يعمه)).