قال الطوفي في شرح مختصر الروضة (1/ 439): (خطاب الوضع والطلب قد
يجتمعان، وقد ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه، أما اجتماعهما فكالزنى هو من جهة كونه سببا للحد خطاب وضعي، ومن جهة كونه حراما خطاب طلبي، وكذا نظائره.
وأما انفراد خطاب الوضع، فكزوال الشمس وسائر أوقات الصلوات أسباب لوجوبها، وطلوع الهلال سبب وجوب رمضان، وصلاة العيدين والشك والحيض مانع من الصلاة والصوم، والبلوغ شرط لوجوبها، وحؤول الحول شرط لوجوب الزكاة، فكل هذه متجردة عن خطاب الطلب، ليس هو فيها أنفسها، بل في غيرها، كالوجوب مثلا متعلق بالصلاة لا بالزوال، وبصوم رمضان لا بطلوع الهلال. وأما انفراد خطاب الطلب، فقال القرافي في "الفروق": هو كأداء الواجبات واجتناب المحرمات، وإن كان صاحب الشرع قد جعلها سببا لبراءة الذمة، وترتيب الثواب، ودرء العقاب، غير أن هذه ليست أفعالا للمكلف، ولا نعني بكون الشيء سببا إلا كونه وضع سببا لفعل من قبل المكلف.
وقال في "شرح التنقيح": لا يتصور انفراد خطاب التكليف، إذ لا تكليف إلا وله سبب أو شرط أو مانع. قلت وهذا أشبه بالصواب).
قال الطوفي في شرح مختصر الروضة (1/ 416): (أما الفرق بينهما من حيث الحكم، فهو أن خطاب اللفظ الذي يعبر عنه بخطاب التكليف، يشترط فيه علم المكلف وقدرته على الفعل وكونه من كسبه، كالصلاة، والصيام، والحج، ونحوها على ما سبق في شروط التكليف.
أما خطاب الوضع، فلا يشترط فيه شيء من ذلك إلا ما يستثنى بعد إن شاء الله.
أما عدم اشتراط العلم، فكالنائم يتلف شيئا حال نومه، والرامي إلى صيد في ظلمة أو وراء حائل يقتل إنسانا، فإنهما يضمنان ما أتلفا، وإن لم يعلما، وكالمرأة تحل بعقد وليها عليها، وتحرم بطلاق زوجها، وإن كانت غائبة لا تعلم.
وأما عدم اشتراط القدرة والكسب، فكالدابة تتلف شيئا، والصبي أو البالغ يقتل خطأ، فيضمن صاحب الدابة والعاقلة، وإن لم يكن الإتلاف والقتل مقدورا ولا مكتسبا لهم،