قال ابن قدامة في " الروضة" (ص / 41): (فإن قيل فهل الإباحة تكليف قلنا من قال التكليف الأمر والنهي فليست الإباحة كذلك ومن قال التكليف ما كلف اعتقاد كونه من الشرع فهذا كذلك وهذا ضعيف إذ يلزم عليه جميع الأحكام).
ومعنى جواب ابن قدامة أن من فسر التكليف بأنه ما كلف اعتقاده فإن تعريفه يكون منقوضا بدخول حتى الأحكام الوضعية فيه فالسبب نكلف بأن نعتقد كونه سببًا، وكذا المانع والشرط، وغيرهم.
والأليق بتعريف التكليف وبحسب القواعد أن المباح لا يدخل في الأحكام التكليفية، وإنما هو قسم خاص يسمي بالأحكام التخييرية، إلا أن الأمر فيه تساهل، ولا يترتب عليه كبير فائدة من جهة تخطئة هذا القائل، أو ذاك، والخطب يسير ولا مشاحة في الاصطلاح.
قال الآمدي في "إحكامه" (1/ 170): (اختلفوا في المباح هل هو داخل تحت التكليف، واتفاق جمهور من العلماء على النفي خلافا للأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني، والحق أن الخلاف في هذه المسألة لفظي، فإن النافي يقول إن التكليف إنما يكون بطلب ما فيه كلفة ومشقة، ومنه قولهم كلفتك عظيما أي حملتك ما فيه كلفة ومشقة، ولا طلب في المباح ولا كلفة لكونه مخيرا بين الفعل والترك، ومن أثبت ذلك لم يثبته بالنسبة إلى أصل الفعل بل بالنسبة إلى وجوب اعتقاد كونه مباحا، والوجوب من خطاب التكليف فما التقيا على محزّ واحد).
قال الشيخ: (ويسمى: حلالاً، وجائزاً).
قال ابن النجار في شرح الكوكب المنير (1/ 427): ((ويطلق) مباح (وحلال على غير الحرام) فيعم الواجب والمندوب والمكروه والمباح، لكن المباح يطلق على الثلاثة، والحلال على الأربعة.
فيقال للواجب والمندوب والمكروه: مباح.
ويقال لهذه الثلاثة، وللمباح حلال، لكن إطلاق المباح على ما استوى طرفاه هو الأصل).