والصواب أنه - صلى الله عليه وسلم - ليس مُشرِّعاً بل هو مبلغ ومطبق وناقل ومبيِّن للتشريع، وأنه كان يجتهد (?) فإن اخطأ نزل الوحي بتصويبه (?)، كما في أسارى بدر (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) [الأنفال: 67] وكما عوتب في ابن أم مكتوم وتحريمه - صلى الله عليه وسلم - العسل ومارية القبطية على نفسه، ولما رجع عن قوله في مسألة التأبير، ونحو ذلك (?).
سبق وأن تكلمنا عن الفرق بين طريقة الفقهاء وبعض الأصوليين، وطريقة جمهور الأصوليين في تعريف الحكم الشرعي، وذكرنا أن الدليل نفسه هو الخطاب عند جمهور الأصوليين وأن المدلول أو الأثر هو الخطاب عند الفقهاء وبعض الأصوليين، وأنه ينبغي اعتماد طريقة جمهور الأصوليين في التعريف.
بناء على ذلك ينبغي التفريق بين الواجب والوجوب والإيجاب.
فعلى الطريقة الأولى (طريقة الأصوليين) يقال الإيجاب والتحريم والاستحباب (الندب) والكراهة والإباحة، وعلى التعريف الثاني يقال الوجوب، والحرمة، و. . .
ويوضحه أن الحكم إن عرفناه بأنه خطاب الله الذي هو صفته، فيكون منه الإيجاب، أما الوجوب فإنما هو يتعلق بفعل المكلف، فهو صفة الفعل الذي وجب فهو أثر الإيجاب وهو الأليق بالتعريف الثاني، وأما الواجب فهو نفس فعل المكلف، فهو الوصف الذي ثبت للموجَب نفسه، أي قد وجب فهو واجب، وهكذا.