(أَوْ) أَنْت عَلَيَّ (كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) فَإِنَّهُ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ فَالْبَتَاتُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا لِنِيَّةٍ أَقَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ وَقَوْلُهُ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي أَنَّهُ ظِهَارٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ
ثُمَّ ذَكَرَ كِنَايَتَهُ الْخَفِيَّةَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ) الظِّهَارُ (بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ (بِهِ) كَاذْهَبِي وَانْصَرِفِي وَكُلِي وَاشْرَبِي
(لَا) يَلْزَمُ (بِإِنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي) مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ (أَوْ) قَالَ (لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِي الثَّلَاثَةِ حَتَّى يَنْوِيَ شَيْئًا
(وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ) بِأَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ (ثُمَّ ظَاهَرَ) ثَانِيًا كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ فَوَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا وَلَوْ عَبَّرَ بِأَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ لَكَانَ صَوَابًا؛ إذْ مُجَرَّدُ الْعَوْدِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدُّدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ أَوْ الْإِمَاءِ (مَنْ دَخَلَتْ) مِنْكُنَّ الدَّارَ (أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ) دَخَلَتْهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِدُخُولِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (لَا إنْ) قَالَ لِنِسْوَةٍ إنْ (تَزَوَّجْتُكُنَّ) فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ تَزَوَّجَ جَمِيعَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا فَلْيَكُنْ طَلَاقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ لَا ظِهَارَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الطَّلَاقَ اهـ مِنْ رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْت كَابْنِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَتَاتًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ بِهِ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) أَيْ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَتَاتِ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبِيعَةُ مَنْ قَالَ أَنْت مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ اهـ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، أَوْ وِفَاقٌ وَهُوَ الَّذِي فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَائِلًا: يَكُونُ قَوْلُ رَبِيعَةَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْبَتَاتِ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ كَانَ مُظَاهِرًا ابْنُ يُونُسَ، وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، وَالظِّهَارُ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي وَالْمَيْتَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَيْ لِتَقْدِيمِهِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ: لُزُومُ الْبَتَاتِ أَيْ فِي كَابْنِي وَغُلَامِي وَمَا بَعْدَهُمَا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِذَلِكَ الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ أَيْ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ - حِينَئِذٍ - الظِّهَارَ عِنْدَ الْمُفْتِي كَمَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ ابْنِي، أَوْ غُلَامِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَلْزَمُ ظِهَارٌ، وَلَا طَلَاقٌ، وَإِنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ وَالْغُلَامَ مُحَرَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْأُمِّ أَوْ أَشَدَّ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ اهـ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَّنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي وَأُخْتِي وَزَوْجَتِي فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِيهَا نَصًّا، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ ظِهَارٌ أَخْذًا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ أُخِذَ بِهِ اهـ وَالْمُرَادُ بِعَكْسِ التَّشْبِيهِ قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ
(قَوْلُهُ: وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَاهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَلْزَمُ بِهِ غَيْرُهُ إذَا نَوَاهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ يَمِينٍ بِاَللَّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت بِذَلِكَ الظِّهَارَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ عَمَلًا بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ النِّيَّةِ، وَالطَّلَاقُ عَمَلًا بِمَا ظَهَرَ مِنْ لَفْظِهِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَكَمَا فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ فَتُّوحٍ فَإِنَّهُ قَدْ نَسَبَ فِيهَا ذَلِكَ الْقَوْلَ لِسَحْنُونٍ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَرَوَى ابْنُ ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي كَانَ ظِهَارًا وَكَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي
(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت إلَخْ) التَّعْلِيقُ هُنَا لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَحْسَنَ، فَإِذَا قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ وَطِئَ وَكَفَّرَ، وَقَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَإِذَا كَفَّرَ وَقَالَ لَهَا ثَالِثًا لَزِمَتْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إذْ مُجَرَّدُ الْعَوْدِ) أَيْ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ لَا يَكْفِي فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ عَادَ أَيْ عَزَمَ عَلَى وَطْئِهَا وَعَلَى إمْسَاكِهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ وَطْءٌ بِالْفِعْلِ وَلَا كَفَّارَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ) دَرَجَ فِي هَذَا عَلَى التَّعَدُّدِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ، وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ عَلَى عَدَمِهِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمِثْلِ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ فِي