فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ
(وَلَا) إيلَاءَ فِي وَاَللَّهِ (لِأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ (أَوْ لَا وَطِئْتهَا لَيْلًا أَوْ) لَا وَطِئْتهَا (نَهَارًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ الْأَزْمِنَةَ
(وَاجْتَهَدَ) الْحَاكِمُ بِلَا ضَرْبِ أَجَلِ إيلَاءٍ (وَطَلَّقَ) عَلَى الزَّوْجِ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَعْزِلَنَّ) عَنْهَا بِأَنْ يُمْنِيَ خَارِجَ الْفَرْجِ (أَوْ) حَلِفِهِ (لَا أَبِيتَنَّ) عِنْدَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَالْوَحْشَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ لَا أَبِيت مَعَهَا فِي فِرَاشٍ مَعَ بَيَاتِهِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ (أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا) فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَ حَاضِرًا بَلْ (وَإِنْ غَائِبًا) وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: ضَرَرًا بَلْ إذَا تَضَرَّرَتْ هِيَ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (أَوْ سَرْمَدَ) أَيْ دَوَامَ (الْعِبَادَةِ) وَرَفَعَتْهُ فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَطَأَ أَوْ تُطَلِّقَهَا أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْك (بِلَا) ضَرْبِ (أَجَلٍ) لِلْإِيلَاءِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعِ لَكِنَّ الْغَائِبَ لَا بُدَّ مِنْ طُولِ غَيْبَتِهِ سَنَةً فَأَكْثَرَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْكِتَابَةِ إلَيْهِ إمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ تَرْحَلَ امْرَأَتُهُ إلَيْهِ أَوْ يُطَلِّقَ فَإِنْ امْتَنَعَ تُلُوِّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ كِتَابَةٍ إلَيْهِ إنْ عُلِمَ مَحَلُّهُ، وَأَمْكَنَ، وَلَا بُدَّ مِنْ خَوْفِهَا عَلَى نَفْسِهَا الزِّنَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهَا لَا بِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهَا لِلْجِمَاعِ
(وَلَا) إيلَاءَ (إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِيَمِينِهِ حُكْمٌ) لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ بِهِ (كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ) إنْ وَطِئْتُك أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَكُلُّ دِرْهَمٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ (أَوْ خَصَّ بَلَدًا قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا) كَقَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ حُرٌّ إنْ وَطِئْتُك، أَوْ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ مِنْهَا صَدَقَةٌ إنْ وَطِئْتُك فَلَا يَكُونُ مُولِيًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُسْقِطُهُ (قَوْلُهُ: فَنَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَتَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَيُؤَجَّلُ كَالْمُسْلِمِ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: لَأَهْجُرَنَّهَا) الْهِجْرَانُ عَدَمُ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهَا إنْ تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْكَلَامِ وَالْهَجْرِ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي قَوْلِهِ: لَأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتهَا إذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّهَا وَإِلَّا كَانَ مُولِيًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ) أَيْ فِي يَمِينِهِ الْأَزْمِنَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَيْ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِأَنْ عَمَّ الزَّمَنَ فَإِنْ قَيَّدَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا
(قَوْلُهُ: وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ عَنْ زَوْجَتِهِ زَمَنًا يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرُهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا أَوْ تَرَكَ وَطْأَهَا ضَرَرًا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ أَوْ أَدَامَ الْعِبَادَةَ وَتَضَرَّرَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَأَرَادَتْ الطَّلَاقَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَجْتَهِدُ فِي طَلَاقِهَا عَلَيْهِ وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا بِدُونِ أَجَلٍ أَوْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَاجْتَهَدَ فِي قَدْرِهِ مِنْ كَوْنِهِ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ عَلِمَ لَدَدَهُ وَإِضْرَارَهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا، وَإِلَّا أَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ التَّلَوُّمِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ هَذَا إذَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ وَأَمَّا إنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَا أَبِيتُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ) أَيْ فَإِنَّ هَذَا لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي عبق نَقْلًا عَنْ تت وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَبِيتُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الْمَوَدَّةَ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ تَوْلِيَتَهُ ظَهْرَهُ لَهَا مِنْ جُمْلَةِ الضَّرَرِ الْمُوجِبِ لِلطَّلَاقِ، وَهَذَا أَشَدُّ (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا تَضَرَّرَتْ هِيَ إلَخْ) فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ لِعَلَّةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ قَطَعَهُ خَطَأً فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: لَا مَقَالَ لَهَا، وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ: لَهَا الْقِيَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ تَعَمَّدَ قَطْعَهُ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً لِيَقْطَعَ بِهِ لَذَّةَ النِّسَاءِ أَوْ شَرِبَهُ لِعِلَاجِ عِلَّةٍ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ يُذْهِبُ بِذَلِكَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ أَوْ شَاكٌّ كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ إذَا لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ.
(قَوْلُهُ: بِلَا ضَرْبِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَطَلَّقَ، وَالْمَنْفِيُّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَقَطْ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ يُطَلِّقَ حَالًا أَوْ يُتَلَوَّمُ لَهُ مُدَّةً بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ فَيُضْرَبُ لَهُ فِيهَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ، فَإِنْ انْقَضَى، وَلَمْ يَفِ طُلِّقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْغَائِبَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْوَطْءَ لِغَيْبَتِهِ إلَّا إذَا طَالَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ، وَذَلِكَ كَسَنَةٍ فَأَكْثَرَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الْغِرْيَانِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ: السَّنَتَانِ وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِطُولٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ تَخْشَى الزِّنَا عَلَى نَفْسِهَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا، وَتُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ حَيْثُ طَالَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ شَهْوَتِهَا لِلْجِمَاعِ فَلَا يُوجِبُ طَلَاقَهَا، وَيُزَادُ عَلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ إنْ عُلِمَ مَحَلُّهُ، وَأَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا دَائِمَةً، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ) أَيْ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: لِلْحَرَجِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ (قَوْلُهُ: صَدَقَةٌ) أَيْ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَمَّمَ فِي يَمِينِهِ فَهِيَ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهَا حُكْمٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مِلْكِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ خَصَّ بَلَدًا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا كُلُّ يَمِينٍ لَا حِنْثَ فِيهَا بِالْوَطْءِ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا هُوَ مُولٍ قَبْلَ الْمِلْكِ؛ إذْ يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ عَقْدُ يَمِينٍ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ رَأْسٍ أَوْ مَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ مُولِيًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ مِنْهَا شَيْئًا