وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى (أَكْثَرَ) ظَرْفٌ لِلْمَنْعِ وَلَوْ قَلَّ الْأَكْثَرُ كَيَوْمٍ (مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِلْحُرِّ (أَوْ) أَكْثَرَ مِنْ (شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ وَلَا يَنْتَقِلُ) الْعَبْدُ لِأَجَلِ الْحُرِّ إذَا حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ (بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَقَرُّرِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ عَلَيْهِ وَيَتَقَرَّرُ فِي الصَّرِيحِ بِالْحَلِفِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْحُكْمِ فَلَوْ كَانَتْ مُحْتَمَلَةً وَعَتَقَ قَبْلَ الرَّفْعِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ بِعِتْقِهِ لِأَجَلِ الْحُرِّ
ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ الْإِيلَاءِ وَبَدَأَ بِغَامِضِهَا فَقَالَ (كَوَاللَّهِ لَا أُرَاجِعُك) وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَهُوَ مُولٍ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ وَلَمْ يَرْتَجِعْ طُلِّقَ عَلَيْهِ أُخْرَى وَبَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى فَتَبِينُ مِنْهُ بِتَمَامِهَا
(أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي) الْوَطْءَ (أَوْ) حَتَّى (تَأْتِيَنِي) لَهُ وَلَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُهُ بِسُؤَالِهَا أَوْ الْإِتْيَانِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَرَّةٌ عِنْدَ النِّسَاءِ وَلَا يَكُونُ رَفْعُهُ لِلسُّلْطَانِ سُؤَالًا يَبَرُّ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَتَمَ وَمَحَلُّ كَوْنِ الرَّجْعِيَّةِ يَلْحَقُهَا الْإِيلَاءُ فَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ كَانَ الْحَيْضُ يَأْتِيهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً مَثَلًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ إلَخْ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّجْعَةَ وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا لَهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا إنْ أَبَاهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا شَدَّدَ بِالْحَلِفِ شُدِّدَ عَلَيْهِ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ، أَوْ أَنَّ الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ لِلرَّجْعِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فَمَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ الْأَكْثَرُ كَيَوْمٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِزِيَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَكُونُ بِهِ مُولِيًا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهُ مُولٍ بِالْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] هَلْ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةٌ خَارِجَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ فِيهَا فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَهَا، وَحَيْثُ كَانَتْ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِالْحَلِفِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ فِيهَا وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ مُرُورِهَا وَتَمَسُّكِ مَنْ قَالَ بِالْمَشْهُورِ بِمَا تُعْطِيهِ الْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فَتَكُونُ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلِأَنَّ إنْ الشَّرْطِيَّةَ تُصَيِّرُ الْمَاضِيَ بَعْدَهَا مُسْتَقْبَلًا فَلَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً فِي الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرِ لَبَقِيَ مَعْنَى الْمَاضِي بَعْدَهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ، وَتَمَسُّكُ الْمُقَابِلِ بِأَنَّ الْفَاءَ لَيْسَتْ لِلتَّعْقِيبِ بَلْ لِمُجَرَّدِ السَّبَبِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ تَأَخُّرُ الْمُسَبَّبِ عَنْ السَّبَبِ فِي الزَّمَانِ بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْمُقَارَنَةُ وَرَأَى أَيْضًا أَنَّهُ حَذَفَ كَانَ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانُوا فَاءُوا، وَإِنْ لَا تَقْلِبُ كَانَ عَنْ الْمُضِيِّ لِتَوَغُّلِهَا فِيهِ كَمَا قِيلَ فَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ وَأَمَّا قِيَامُ الزَّوْجَةِ بِطَلَبِ الْفَيْئَةِ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا أَكْثَرَ لِلْحُرِّ وَبَعْدَ شَهْرَيْنِ لَا أَكْثَرَ لِلْعَبْدِ فَالْأَجَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِيهِ غَيْرُ الْأَجَلِ الَّذِي لَهَا الْقِيَامُ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَقَرَّرُ) أَيْ الْأَجَلُ فِي الصَّرِيحِ أَيْ فِي الْيَمِين " الصَّرِيحِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُحْتَمَلُ لِلْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ وَالْحَالُ أَنَّ قُدُومَهُ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْيَمِينُ مُحْتَمَلَةً
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُولٍ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ إلَخْ) جَوَابُ إذَا مَحْذُوفٌ أَيْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بِالْمُرَاجَعَةِ وَالْإِصَابَةِ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِذَا بِالْوَاوِ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَاَللَّهِ لَا أُرْجِعُك فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ بَعْدَهَا طُلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى، وَهَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذْ اقَالَ لَهَا: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي الْوَطْءَ أَوْ حَتَّى تَأْتِيَنِي لِلْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِنْ فَاءَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَوَطِئَهَا بِدُونِ سُؤَالٍ مِنْهَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَسْأَلَهُ الْوَطْءَ أَوْ تَأْتِيَ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَيْسَ بِمُولٍ، وَعَابَ قَوْلَهُ وَلَدُهُ حِينَ عَرَضَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: لَا وَجْهَ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَاسْتَصْوَبَ مَا قَالَهُ وَلَدُهُ نَظَرًا لِمَشَقَّةِ سُؤَالِ الْوَطْءِ عَلَى النِّسَاءِ وَإِتْيَانِهِنَّ إلَيْهِ فَالْغَالِبُ عَدَمُ حُصُولِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَتَّى تَأْتِينِي لَهُ) أَيْ إذَا دَعَوْتُك (قَوْلُهُ: تَقْيِيدُهُ) أَيْ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَرَّةٌ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ سُؤَالِ الْوَطْءِ وَالْإِتْيَانِ إلَيْهِ مَعَرَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ رَفْعُهَا لِلسُّلْطَانِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَضْرِبَ أَجَلًا