أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ وَفَائِدَةُ الْحَمْلِ عَلَى الْبَرَاءَةِ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ أَيْ إنْ كُنْت حَامِلًا وَالْحِنْثُ فِي صِيغَتِهِ أَيْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا (وَاخْتَارَهُ) أَيْ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ (مَعَ الْعَزْلِ) وَهُوَ الْإِنْزَالُ خَارِجَ الْفَرْجِ فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كُنْت وَيَحْنَثُ فِي إنْ لَمْ تَكُونِي كَمَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ فَلَا يُقَاسُ عَلَى عَدَمِ الْإِنْزَالِ (أَوْ) عُلِّقَ بِمَا (لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ كَ) قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا (أَوْ) إنْ شَاءَتْ (الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ) أَيْ مَشِيئَةَ اللَّهِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ (عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَصَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلدُّخُولِ أَيْ إنْ دَخَلْت بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَأَمَّا إنْ صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيَلْزَمُ اتِّفَاقًا فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (بِخِلَافِ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَوْ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي وَنَوَى صَرْفَهُ (فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) كَالدُّخُولِ (فَقَطْ) فَلَا يُنَجَّزُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَبَدَا لِي جَعْلُهُ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِذَا لَمْ يَبْدُ لِي ذَلِكَ فَلَا فَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّصْمِيمِ وَالتَّصْمِيمُ لَمْ يُوجَدْ حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا لَوْ صَرَفَهُ لِلطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَدَمًا وَرَفْعًا لِلْوَاقِعِ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ لَا يَدْرِي أَيُوجَدُ أَوْ يُعْدَمُ (كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ) أَيْ أَصْلًا لَا إنْ أَنْزَلَ وَلَوْ مَعَ الْعَزْلِ فَلَا تُحْمَلُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ فِيمَا إذَا أَنْزَلَ مَعَ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كُنْت إلَخْ) أَيْ لَا يَحْنَث فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَيَحْنَثُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ، وَقَوْلُهُ كَمَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يُنْزِلْ أَصْلًا سَوَاءٌ مَسَّهَا فِي طُهْرٍ أَوْ لَمْ يَمَسَّهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي لُزُومِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ لُزُومِهَا حَاصِلٌ مَعَ الْعَزْلِ فَلَوْ لَمْ يُنَجَّزْ الطَّلَاقُ وَأَبْقَى حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ لَزِمَ الْبَقَاءُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِي إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالًا فَقَطْ.
(قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ كَمَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ يُونُسَ فِي تَمْثِيلِ مَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ التَّمْثِيلَ بِهَذَا لَمَّا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْأُمُورِ عَلَى خِلَافِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ وَأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، أَمَّا إنْ قُلْنَا كُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ بِمَشِيئَتِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ إنْ أَرَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ نُطْقِهِ بِالطَّلَاقِ عَلِمَ أَنَّهُ شَاءَ وَإِنْ أَرَادَ إنْ شَاءَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ لَاغٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِالطَّلَاقِ فَلَا يُعَلَّقُ بِمُسْتَقْبَلٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ جُعِلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِمَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْمَشِيئَةِ فِي ذَاتِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُعْلَمُ بِتَحَقُّقِ الْمُشِيءِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا أَصْلًا حَتَّى تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ لُزُومُ الْيَمِينِ وَعَدَمُ لُزُومِهَا فَالْيَمِينُ مَشْكُوكٌ فِي لُزُومِهَا وَعَدَمِهِ فَالْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي مَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ (قَوْلُهُ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِصَرْفٍ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى سُلِّطَ (قَوْلُهُ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ) أَيْ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَا: إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَلَوْ فَعَلَتْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ كَالدُّخُولِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ اتِّفَاقًا) .
الْحَاصِلُ إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ كَالطَّلَاقِ أَوْ لِلْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ اتِّفَاقًا حَيْثُمَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَخِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَوْ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَوَجْهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّرْطَ مُعَلَّقٌ بِمُحَقَّقٍ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِثْنَاءُ لَاغٍ وَتَنَاقُضٌ وَتَعْقِيبٌ بِالرَّفْعِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا إذَا شَاءَ اللَّهُ الدُّخُولَ فَكَانَ كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ إذْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى حَالَةٌ أُخْرَى.
(قَوْلُهُ وَنَوَى صَرْفَهُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَيَظْهَرَ لِي عَدَمُ جَعْلِهِ أَيْ الدُّخُولِ سَبَبًا فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُنَجَّزُ أَيْ فِي الْحَالِ فَصَحَّ الْإِضْرَابُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ، وَلَوْ بَدَا لَهُ جَعْلُ الدُّخُولِ سَبَبًا فِي الطَّلَاقِ فَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ عج وَاَلَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ لِمَا يَبْدُو لَهُ فَإِنْ بَدَا لَهُ جَعْلُ الدُّخُولِ غَيْرَ سَبَبٍ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا دَخَلَتْ وَإِنْ بَدَا لَهُ جَعْلُهُ سَبَبًا وَقَعَ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلَتْ وَاسْتَصْوَبَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ.
(قَوْلُهُ فَفِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ مَوْكُولٌ إلَى إرَادَةِ الْمُكَلَّفِ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ وَجَعْلِهِ سَبَبًا (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ إلَخْ) تُمْطِرُ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ أَمْطَرَ الرُّبَاعِيِّ أَفْصَحُ