(لَا جَدٍّ) فَلَا مَنْعَ لَهُ (وَ) أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ (الْكَافِرُ كَغَيْرِهِ) فَلَهُ الْمَنْعُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْجِهَادِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ بِخِلَافِ الْجِهَادِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ قَصْدِ تَوْهِينِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُفِيدُ الشَّفَقَةَ وَنَحْوَهَا (وَدُعُوا) وُجُوبًا (لِلْإِسْلَامِ) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ أَمْ لَا مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا قُوتِلُوا (ثُمَّ) إنْ أَبَوْا مِنْ قَبُولِهِ دُعُوا إلَى أَدَاءِ (جِزْيَةٍ) إجْمَالًا إلَّا أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ تَفْصِيلِهَا (بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُجِيبُوا أَوْ أَجَابُوا وَلَكِنْ بِمَحَلٍّ لَا تَنَالهُمْ أَحْكَامُنَا فِيهِ، وَلَمْ يَرْتَحِلُوا لِبِلَادِهِمْ (قُوتِلُوا وَقُتِلُوا) أَيْ جَازَ قَتْلُهُمْ (إلَّا) سَبْعَةً (الْمَرْأَةَ) فَلَا تُقْتَلُ (إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا) فَيَجُوزُ قَتْلُهَا إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا أَوْ قَاتَلَتْ بِسِلَاحٍ كَالرِّجَالِ وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا لَا إنْ قَاتَلَتْ بِكَرْمَيْ حَجَرٍ فَلَا تُقْتَلُ وَلَوْ حَالَ الْقِتَالِ (وَ) إلَّا (الصَّبِيَّ) الْمُطِيقَ لِلْقِتَالِ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي الْمَرْأَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ.
(وَ) إلَّا (الْمَعْتُوهَ) أَيْ ضَعِيفَ الْعَقْلِ فَالْمَجْنُونُ أَوْلَى (كَشَيْخٍ فَانٍ) لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْقِتَالِ (وَزَمِنٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَاجِزٍ (وَأَعْمَى) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ) عَنْ أَهْلِ دِينِهِ (بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ) لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ حَالَ كَوْنِهِمْ (بِلَا رَأْيٍ) وَتَدْبِيرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَيْرُ كَانَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التِّجَارَةِ، وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ الَّذِي لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الْبَرِّ الْمَأْمُونِ خُصُوصُ الْجِهَادِ، وَإِنْ غَيْرَهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَالْعِلْمِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَاجَةِ فَهُوَ كَالتِّجَارَةِ فَلَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ لِتَحْصِيلِهِ إذَا كَانَ لَيْسَ فِي بَلَدِهِمَا مَنْ يُفِيدُهُ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطَرِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَا جَدٍّ) عَطْفٌ عَلَى وَالِدَيْنِ أَيْ يَسْقُطُ فَرْضُ الْجِهَادِ بِمَنْعِ وَالِدَيْنِ لَا بِمَنْعِ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ، وَإِنْ كَانَ بِرُّهُمَا وَاجِبًا فَيَسْتَرْضِيهِمَا لِيَأْذَنَا لَهُ فَإِنْ أَبَيَا خَرَجَ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْأَبِ الْمُسْلِمِ، وَقَوْلُهُ: فَلَهُ الْمَنْعُ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي كُلِّ فَرْضِ كِفَايَةٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تُفِيدُ الشَّفَقَةَ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْجِهَادِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِسَحْنُونٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْوَالِدَ الْكَافِرَ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ الْجِهَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ مَنْعَهُ كَرَاهَةُ إعَانَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ شَفَقَةٌ عَلَيْهِ، وَفِي كَبِيرِ خش لَوْ طَلَبَتْ أُمُّ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَةُ حَمْلَهَا لِلْكَنِيسَةِ هَلْ يَحْمِلُهَا أَوْ لَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فَإِنْ طَلَبَتْ دَرَاهِمَ لِلْقِسِّيسِ فَلَا يُعْطِيهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَإِذَا دُعُوا أَوَّلَ الثَّالِثِ قُوتِلُوا فِي أَوَّلِ الرَّابِعِ بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ فِيهِ لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَامْتِنَاعِهِمْ وَلَا يُدْعَوْنَ لِلْإِسْلَامِ لَا فِي بَقِيَّةِ الثَّالِثِ، وَلَا فِي أَوَّلِ الرَّابِعِ.
(قَوْلُهُ: بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ) أَيْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ إنَّهُمْ لَا يُدْعَوْنَ لِلْإِسْلَامِ أَوَّلًا إلَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُمْ فَلَا يُدْعَوْنَ إلَى الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَالِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ الْجَيْشُ قَلِيلًا، وَمِنْ هَذَا كَانَتْ إغَارَةُ سَرَايَاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: ثَمَّ جِزْيَةٌ) أَيْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ.
(قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ) أَيْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعْنًى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ اصْطِلَاحًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ أَجَابُوا لِذَلِكَ اكْتَفَى بِهِ مِنْهُمْ إذَا كَانُوا بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ غَدْرُهُمْ فِيهِ لِكَوْنِهِمْ تَنَالُهُمْ فِيهِ أَحْكَامُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُجِيبُوا) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: قُوتِلُوا) أَيْ أَخَذَ فِي قِتَالِهِمْ وَجَازَ قَتْلُهُمْ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمَرْأَةَ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا) الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَاوِ مِنْ قُوتِلُوا وَالثَّانِي مِنْ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ أَيْ فَلَا تُقْتَلُ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا، وَفِي سَبَبِهِ أَيْ إلَّا بِسَبَبِ مُقَاتَلَتِهَا فَتُقْتَلُ حَالَ مُقَاتَلَتِهَا وَبَعْدَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ إلَّا فِي حَالِ مُقَاتَلَتِهَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَقْتُلَ أَحَدًا أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقَاتِلَ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا إنْ تُؤْسَرَ أَوْ لَا فَإِنْ قَتَلَتْ أَحَدًا بِالْفِعْلِ جَازَ قَتْلُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَاتَلَتُهَا بِسِلَاحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَالْحِجَارَةِ، سَوَاءٌ أُسِرَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا فَإِنْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ كَالرِّجَالِ جَازَ قَتْلُهَا أَيْضًا أُسِرَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ قَاتَلَتْ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ فَلَا تُقْتَلُ بَعْدَ الْأَسْرِ اتِّفَاقًا، وَلَا فِي حَالَةِ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ مُسْتَثْنَاتَانِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ قَتْلِهَا بَعْدَ الْأَسْرِ إذَا قَتَلَتْ أَحَدًا، وَقَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ إذَا أُسِرَتْ مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا جَازَ قَتْلُهَا، وَإِلَّا فَلَا، اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْمَرْأَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ فِي سِتَّةِ أَحْوَالٍ كَالْمَرْأَةِ، وَيَمْتَنِعُ قَتْلُهُ فِي حَالَتَيْنِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَتْلُهُ حَالَ الْمُقَاتَلَةِ، وَبَعْدَ أَسْرِهِ يَتَعَيَّنُ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ فِيهِ أَصْلَحَ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَالْمَجْنُونُ أَوْلَى) أَيْ إذَا كَانَ مُطْبَقًا فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا قُتِلَ (قَوْلُهُ: أَيْ عَاجِزٍ) يَعْنِي عَنْ الْقِتَالِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا بِإِقْعَادٍ أَوْ شَلَلٍ أَوْ فَلْجٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ) أَيْ، وَأَمَّا رُهْبَانُ الْكَنَائِسِ الْمُخَالِطُونَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّمَا نَهَى عَنْ قَتْلِهِمْ لِاعْتِزَالِهِمْ أَهْلَ دِينِهِمْ وَتَبَاعُدِهِمْ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِفَضْلِ تَرَهُّبِهِمْ بَلْ هُمْ أَبْعَدُ مِنْ اللَّهِ مِنْ غَيْرِهِمْ لِشِدَّةِ كُفْرِهِمْ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَاهِبٍ، وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَتْلِ الرَّاهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَلُ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَ تَرَهُّبُهَا أَوْ أُلْغِيَ