(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَظُنَّ الْقُدْرَةَ حِينِ خُرُوجِهِ أَيْ، وَقَدْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ يَمِينِهِ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ بِأَنَّ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ حِينَ خُرُوجِهِ الْعَجْزَ (مَشَى) إذَا خَرَجَ (مَقْدُورَهُ) ، وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ (وَرَكِبَ) مَعْجُوزَهُ (وَأَهْدَى فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ ثَانِيًا أَمَّا مَنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ يَمِينِهِ أَوْ نَوَى أَنْ لَا يَمْشِيَ إلَّا مَا يُطِيقُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ، وَيَمْشِي مَقْدُورَهُ، وَيَرْكَبُ مَعْجُوزَهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَلَا هَدْيَ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَلَّ) رُكُوبُهُ بِحَسَبِ مَسَافَتِهِ فَالْهَدْيُ فَقَطْ (وَلَوْ) كَانَ (قَادِرًا) عَلَى الْمَشْيِ (كَالْإِفَاضَةِ) أَيْ رَكِبَ فِي مَسِيرِهِ مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةَ الْمَنَاسِكِ، وَأَمَّا الْمَنَاسِكُ فَقَطْ فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَكَعَامٍ عُيِّنَ) لِلْمَشْيِ فِيهِ فَرَكِبَ فِيهِ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ أَوْ فَاتَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ أَصْلًا لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ (وَلْيَقْضِهِ) إنْ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ خَرَجَ وَفَاتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَيَقْضِيهِ وَلَوْ رَاكِبًا (أَوْ لَمْ يَقْدِرْ) عَطْفٌ عَلَى مَا لَا رُجُوعَ فِيهِ أَيْ أَوْ ظَنَّ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ خَرَجَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَشْيِ مَا رَكِبَ فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ بَلْ يَهْدِي فَقَطْ (وَكَإِفْرِيقِيٍّ) مِنْ كُلِّ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ جِدًّا فَلَا يَرْجِعُ بَلْ يَهْدِي فَقَطْ وَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ نَحْوُ الْمِصْرِيِّ (وَكَأَنْ فَرَّقَهُ) أَيْ الْمَشْيَ فِي الزَّمَانِ تَفْرِيقًا غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَمَشَى الْجَمِيعَ (وَلَوْ) فَرَّقَ (بِلَا عُذْرٍ) فَالْهَدْيُ فَقَطْ، وَأَثِمَ بِخِلَافِ الْمُعْتَادِ كَالْمَغْرِبِيِّ يُقِيمُ بِمِصْرَ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ حَتَّى يَأْتِيَ إبَّانُ الْحَجِّ، وَكَالْإِقَامَةِ بِالْعَقَبَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ، وَلَا إثْمَ وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ بَلْ ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَفِي لُزُومِ) مَشْيِ (الْجَمِيعِ) فِي رُجُوعِهِ لِبُطْلَانِهِ (بِمَشْيِ عُقْبَةٍ) فِي ذَهَابِهِ أَوَّلًا، وَهِيَ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَالْمُرَادُ مَسَافَةُ نَظِيرِ الَّتِي رَكِبَهَا (وَرُكُوبُ) عُقْبَةٍ (أُخْرَى) لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الرَّاحَةِ بِالرُّكُوبِ الْمُعَادِلَةِ لِلْمَشْيِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمْشِ أَصْلًا وَعَدَمُ لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ بَلْ مَشَى أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا عَرَفَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَمَشْيِهِ، وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعَ اتِّفَاقًا.
(وَالْهَدْيُ) مَتَى قُلْنَا بِهِ وَجَبَ مَعَهُ رُجُوعٌ أَمْ لَا (وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ) (شَهِدَ) أَيْ رَكِبَ (الْمَنَاسِكَ) أَوْ الْإِفَاضَةَ أَوْ هُمَا (فَنَدْبٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ ظَانًّا الْقُدْرَةَ وَلَا جَازِمًا بِهَا حِينَ خُرُوجِهِ بَلْ كَانَ مُتَوَهِّمًا لَهَا أَوْ شَاكًّا فِيهَا أَوْ جَازِمًا بِعَدَمِهَا، وَقَدْ كَانَ حَالَ الْيَمِينِ أَوْ النَّذْرِ جَازِمًا بِالْقُدْرَةِ أَوْ ظَانًّا لَهَا فَهَذِهِ سِتَّةٌ يَمْشِي فِيهَا مَقْدُورَهُ، وَيُهْدِي، وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا قَدْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ النَّذْرِ جَازِمًا بِالْقُدْرَةِ أَوْ ظَانًّا لَهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ النَّذْرِ شَاكًّا فِي الْقُدْرَةِ أَوْ تَوَهَّمَهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ فِي حَالِ الْخُرُوجِ شَكَّ فِي الْقُدْرَةِ أَوْ تَوَهَّمَهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا فَإِنَّهُ يَمْشِي أَوَّلًا عَامَّ مَقْدُورِهِ، وَلَا رُجُوعَ وَلَا هَدْيَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ التِّسْعِ فَجُمْلَةُ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ يَمِينِهِ) أَيْ بِأَنْ تَوَهَّمَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمَشْيِ، وَكَذَا إذَا شَكَّ فِيهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حِينَ الْخُرُوجِ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ الْعَجْزَ، وَعَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَسَافَتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَالٌ فِي نَفْسِهِ كَمَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: كَالْإِفَاضَةِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ وَالْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ فِي الْأَوَّلِ وَاجِبًا، وَفِي الثَّانِي مَنْدُوبًا، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ لِلتَّشْبِيهِ لِأَجْلِ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ: فَقَطْ إلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ، وَيَعْطِفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَنَاسِكُ فَقَطْ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ دُونَ الْإِفَاضَةِ، وَقَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ أَيْ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لَهَا مَاشِيًا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَنَاسِكِ، وَلَا بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَكَعَامِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ فَقَطْ، وَعَدَمِ الرُّجُوعِ فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ مَاشِيًا فِي عَامِ كَذَا فَرَكِبَ فِيهِ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ، أَوْ رَكِبَ فِيهِ وَفَاتُهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ أَصْلًا لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي عَامٍ آخَرَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ فَلَوْ تَرَكَ الْحَجَّ فِي هَذَا الْعَامِ الْمُعَيَّنِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ خَرَجَ لَهُ وَلَوْ مَاشِيًا وَتَرَاخَى حَتَّى فَاتَهُ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ، وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، وَلَوْ رَاكِبًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلْيَقْضِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا: وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ ظَنَّ أَوَّلًا أَيْ حِينَ خُرُوجِهِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ، وَمَا هُنَا ظَنُّ عَدَمِ الْقُدْرَةِ فِي الْعَامِ الثَّانِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ فَرَّقَهُ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْزِلَ بِمَحَلَّاتٍ وَيَقْعُدُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِعَدَمِ النُّزُولِ بِهَا ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْإِجْزَاءِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ، وَصَوَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ ح إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ بِالْإِجْزَاءِ وَلُزُومِ الْهَدْيِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ قَالَ بِلُزُومِ الْهَدْيِ أَيْ عَلَى مَنْ فَرَّقَ الْمَشْيَ فِي الزَّمَانِ تَفْرِيقًا غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ بِلُزُومِ الْهَدْيِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَرُكُوبِ عُقْبَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَهَكَذَا طُولُ الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الرَّاحَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَفِي لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ فِي رُجُوعِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي التَّنْصِيفِ أَيْ مَا إذَا كَانَ أَمَاكِنُ رُكُوبِهِ نِصْفَ الطَّرِيقِ، وَأَمَاكِنُ مَشْيِهِ نِصْفَهَا، وَأَمَّا إنْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ، وَمَشَى أَمَاكِنَ الرُّكُوبِ اتِّفَاقًا، وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ