لَا إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَوْ لَمْ يُبِنْهَا بِالْفِعْلِ، وَأَشَارَ لِمُقَابِلِ الرَّاجِحِ بِقَوْلِهِ (وَتَأَوَّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ إنْ قَصَدَهُ) أَيْ إبَانَةَ الرَّأْسِ بِمَعْنَى انْفِصَالِهَا (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ أَيْ، وَأَبَانَهَا بِالْفِعْلِ (وَدُونَ نِصْفٍ) مِنْ صَيْدٍ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جَنَاحٍ (أُبِينَ) أَيْ أَبَانَهُ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ، وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَلَّقَ بِيَسِيرِ جِلْدٍ أَوْ لَحْمٍ (مَيْتَةٌ) لَا يُؤْكَلُ، وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ الدُّونِ إنْفَاذُ مَقْتَلِ، وَإِلَّا أَكَلَ كَالْبَاقِي، وَصَارَ كَالرَّأْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا الرَّأْسَ) فَلَيْسَ بِمَيْتَةٍ.
(وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ) لَهُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوْ حَوْزِهِ فِي دَارِهِ أَوْ كَسْرِ رِجْلِهِ، وَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ، وَهَمَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَكُلُّ سَابِقٍ لِمُبَاحٍ فَهُوَ لَهُ.
(وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ) يَعْنِي تَدَافَعُوا عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا التَّنَازُعُ بِالْقَوْلِ فَقَطْ فَهُوَ لِلْمُبَادِرِ (فَبَيْنَهُمْ) يُقَسَّمُ، وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُهُمْ الْآخَرَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِخِلَافِ الْمُسَابَقَةِ بِلَا تَدَافُعٍ فَلَوْ جَاءَ غَيْرُ الْمُتَدَافِعِينَ حَالَ التَّدَافُعِ، وَأَخَذَهُ لَاخْتُصَّ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(وَإِنْ نَدَّ) أَيْ شَرَدَ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْ صَاحِبِهِ بَلْ (وَلَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) لَهُ مِنْ صَاحِبِهِ فَاصْطَادَهُ غَيْرُهُ (فَلِلثَّانِي)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ إبَانَةَ الرَّأْسِ بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ بِمَثَابَةِ قَطْعِ عُضْوٍ بَعْدَ انْتِهَاءِ الذَّبْحِ، وَقَبْلَ الْمَوْتِ، وَهَذَا مَكْرُوهٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِمَالِكٍ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ؟ . فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَهُمَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ وَرُدَّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْإِبَانَةَ ابْتِدَاءً بَلْ تَعَمَّدَهَا بَعْدَ الذَّكَاةِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَهَا ابْتِدَاءً فَلَا تُؤْكَلُ كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَعَمُّدُ إبَانَةِ رَأْسٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ، وَقَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ هَذَا إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ بِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَوْ لَمْ يُبِنْهَا) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى انْفِصَالِهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الْإِبَانَةِ نَظَرًا لِكَوْنِهَا بِمَعْنَى الِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ نِصْفٍ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّ دُونَ هُنَا لِلْمَكَانِ الْمَجَازِيِّ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فَإِنْ رُفِعَ كَانَ مُبْتَدَأً، وَإِنْ نُصِبَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ مُقَدَّرٍ أَيْ، وَمَا هُوَ دُونَ نِصْفِ مَيْتَةٍ. اهـ. بْن وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَدُونَ نِصْفٍ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ الْجَارِحُ الطَّيْرَ نِصْفَيْنِ مِنْ وَسَطِهِ أُكِلَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَذَلِكَ فِيهِ إنْفَاذُ مَقْتَلٍ كَذَا قَالُوا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَكْلُ لِلنِّصْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نِصْفٌ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ فَالْمَدَارُ عَلَى إنْفَاذِ الْمَقْتَلِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَبَانَ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ دُونَ النِّصْفِ، وَأَنْفَذَ مَقْتَلًا أُكِلَ ذَلِكَ الدُّونُ كَالْبَاقِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَلَوْ أَبَانَ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ ثُلُثًا ثُمَّ سُدُسًا فَهَلْ يُؤْكَلَانِ أَوْ الْأَخِيرُ أَوْ يَطْرَحَانِ؟ لَا نَصَّ، وَقَدْ يُقَالُ الْمَدَارُ عَلَى إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ فَاَلَّذِي نَفَذَ بِهِ مَقْتَلٌ يُؤْكَلُ، وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ إنَّ الْفَرْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ أَمَّا الْجَرَادُ مَثَلًا إذَا قُطِعَ جَنَاحُهُ فَمَاتَ أُكِلَ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ ذَكَاتُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الرَّأْسَ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ نِصْفُ الرَّأْسِ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمَلَكَ الصَّيْدَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَسَرَ رِجْلَهُ) أَيْ أَوْ قَفَلَ مَطْمُورَةً أَوْ سَدَّ جُحْرَهُ عَلَيْهِ فَلَوْ سَدَّ جُحْرَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا يَحْفِرُ بِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَفَتَحَهُ، وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِمَنْ سَدَّهُ كَمَا أَنَّ مَا فِي الْحِبَالَةِ بِغَيْرِ طَرْدِ أَحَدٍ يَكُونُ لِمَالِكِهَا إلَّا لِمَنْ سَبَقَ بِالْأَخْذِ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ إلَخْ) فَإِنْ أَخَذَ الصَّيْدَ إنْسَانٌ فَنَازَعَهُ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَعَلَى مُدَّعِي وَضْعِ الْيَدِ إثْبَاتُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ كَذَا قَالَهُ تت، وَقَالَ بْن: الْمُطَابِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْآخِذِ فَقَطْ لِحِيَازَتِهِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَاضِعٌ الْيَدَ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ) أَيْ عَلَى الْمُبَادَرَةِ فَبَيْنَهُمْ يُقَسَّمُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ بِمَحَلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَأَمَّا بِمَمْلُوكٍ فَلِرَبِّهِ. اهـ. وَهَذَا مَا لَمْ يَقَعْ فِي حِجْرِ شَخْصٍ جَالِسٍ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الْمَمْلُوكِ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّ حَوْزَهُ أَخَصُّ وَصَاحِبُ الْحَوْزِ الْأَخَصِّ، وَهُوَ مَا انْتَقَلَ الْمَحُوزِ بِانْتِقَالِهِ يُقَدَّمُ عَلَى صَاحِبِ الْحَوْزِ الْأَعَمِّ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ قَالَ عبق، وَأَخَصُّ مِنْ تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ مَا تَكَرَّرَتْ شَكْوَى شَخْصٍ لِآخَرَ فَإِنَّ لِلْمَشْكُوِّ أَنْ يَرْفَعَ الشَّاكِيَ لِلْحَاكِمِ، وَيَقُولَ إنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ فَيَدَّعِي بِهِ فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ شَكْوَى قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَقَدْ حَكَمَ بِهَا الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَالْبَرْمُونِيُّ، وَقَالَا هِيَ مَشْهُورَةٌ فِي الْمُحَاكِمِ بِمَسْأَلَةِ قَطْعِ النِّزَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا التَّنَازُعِ بِالْقَوْلِ) أَيْ بِأَنْ رَآهُ اثْنَانِ فَحَازَهُ أَحَدُهُمَا وَتَنَازَعَا فَصَارَ الْحَائِزُ يَدَّعِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ لِحَوْزِهِ وَالثَّانِي يَدَّعِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ رَآهُ أَوَّلًا، وَكَانَ هَامًّا عَلَى أَخْذِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَابَقَةِ بِلَا تَدَافُعٍ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَابَقُوا مِنْ غَيْرِ تَدَافُعٍ فَإِنَّ وَضْعَ يَدِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْآخَرِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ صَاحِبِهِ) أَيْ الَّذِي مَلَكَهُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْكَاتِبِ إنَّهُ لِلْأَوَّلِ أَيْ الْمُشْتَرِي قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَحْيَا أَرْضًا بَعْدَ انْدِرَاسِ بِنَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلَكَهَا بِإِحْيَاءٍ فَلِلثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مَلَكَهَا بِاشْتِرَاءِ عَمَّنْ أَحْيَاهَا فَهِيَ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي