(بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) (فُرِضَ الْحَجُّ) عَيْنًا إذْ هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ شَرْعًا وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ وَطَوَافٌ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَسَعْيٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كَذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِإِحْرَامٍ (وَسُنَّتْ الْعُمْرَةُ) عَيْنًا وَهِيَ طَوَافٌ وَسَعْيٌ بِإِحْرَامٍ (مَرَّةً) رَاجِعٌ لَهُمَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَنُدِبَ أَنْ يَقْصِدَ إقَامَةَ الْمَوْسِمِ لِيَقَعَ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَالْعُمْرَةُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْوِتْرِ.
(وَفِي فَوْرِيَّتِهِ) أَيْ فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِهِ أَوَّلَ عَامِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ وَلَوْ ظَنَّ السَّلَامَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَتَرَاخِيهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ) أَيْ إلَى وَقْتٍ يُخَافُ فِيهِ فَوَاتُهُ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ.
بَابٌ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَرْعًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ مُطْلَقُ الْقَصْدِ يُقَالُ رَجُلٌ مَحْجُوجٌ أَيْ مَقْصُودٌ (قَوْلُهُ: بِإِحْرَامٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْوُقُوفِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ مُصَاحِبًا لِإِحْرَامٍ.
(قَوْلُهُ: مَرَّةً) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مَعْمُولٌ لِلْعُمْرَةِ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَصْدَرَانِ يَنْحَلَّانِ إلَى أَنْ وَالْفِعْلِ أَيْ فُرِضَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّةً وَسُنَّ أَنْ يَعْتَمِرَ مَرَّةً وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ فَرْضٌ وَلَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّهُمَا يُفِيدَانِ الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ وَقَعَا مِنْ الشَّارِعِ مَرَّةً وَلَيْسَ بِمُرَادٍ؛ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهِ وَيَجُوزُ بِنَصْبِ " مَرَّة " عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ فُرِضَ الْمَرَّةُ مِنْ الْحَجِّ وَسُنَّتْ الْمَرَّةُ مِنْ الْعُمْرَةِ وَيَصِحُّ رَفْعُ " مَرَّةً " عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَفُرِضَ وَسُنَّتْ مَصْدَرَانِ مُبْتَدَآنِ مُؤَوَّلَانِ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ الْمَفْرُوضُ مِنْ الْحَجِّ مَرَّةٌ وَالْمَسْنُونُ مِنْ الْعُمْرَةِ مَرَّةٌ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي ح (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعًا لَا أَنَّهُ مَعْمُولٌ لَهُمَا لِمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِلْعُمْرَةِ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرَّةِ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْصِدَ) بِمَا زَادَ عَلَى الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: لِيَقَعَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَقَعَ الْحَجُّ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَقَعَ الْعُمْرَةُ سُنَّةَ كِفَايَةٍ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْدُوبًا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْوِتْرِ) هَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ ح عَنْ مَنَاسِكِ ابْنِ الْحَاجِّ، وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مِثْلُ الْوِتْرِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي فَوْرِيَّتِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَقَوْلُهُ: وَتَرَاخِيهِ أَيْ وُجُوبُهُ عَلَى التَّرَاخِي لِمَبْدَأِ خَوْفِ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ: فَيَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ) أَيْ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ أَوَّلِ عَامِ الْقُدْرَةِ وَلَوْ لِثَانِي عَامٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ السَّلَامَةَ) أَيْ إلَى الْعَامِ الَّذِي قَصَدَ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَرَاخِيهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي لَوْ أَخَّرَهُ وَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ خَوْفِ الْفَوَاتِ فَقَالَ فِي الطِّرَازِ لَا يَعْصِي وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ اهـ ح.
(قَوْلُهُ: أَيْ إلَى وَقْتٍ) -.