مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِرَمَضَانَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ (فَلِقَادِمٍ) مِنْ سَفَرِهِ نَهَارًا مُفْطِرًا (وَطْءُ زَوْجَةٍ) أَوْ أَمَةٍ (طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ نَهَارًا أَوْ صَبِيَّةٍ لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ أَوْ قَادِمَةٍ مِنْ سَفَرٍ مُفْطِرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ
(وَ) نُدِبَ (كَفُّ لِسَانٍ) عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَأَمَّا عَنْ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَيَتَأَكَّدُ فِيهِ (وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ) بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ فَتَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ وَكَوْنُ مَا ذَكَرَ وِتْرًا وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَفِي حَدِيثِ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» (وَ) نُدِبَ (تَأْخِيرُ سُحُورٍ) وَكَذَا يُسْتَحَبُّ أَصْلُ السُّحُورِ
(وَ) نُدِبَ (صَوْمٌ) لِرَمَضَانَ (بِسَفَرٍ، وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ) وَطَنَهُ (بَعْدَ الْفَجْرِ) وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ وُجُوبِ صِيَامِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ وَلَا يَجِبُ وَلَوْ عَلِمَ إلَخْ (وَصَوْمُ عَرَفَةَ) ، وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ سَنَةً مَاضِيَةً وَسَنَةً مُسْتَقْبَلَةً وَالْيَوْمُ الثَّامِنُ يُكَفِّرُ سَنَةً (إنْ لَمْ يَحُجَّ) وَكُرِهَ لِحَاجٍّ صَوْمُهُمَا لِلتَّقَوِّي عَلَى الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ (وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ) عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ فِي تَسْمِيَتِهَا عَشْرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا) أَيْ فِعْلَ الْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْفِطْرُ الْحَاصِلُ مَنَعَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ لِعُذْرٍ يُبَاحُ مَعَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ فِطْرَهُمَا مُبَاحٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُكْرَهَ مِنْ أَهْلِ الْإِبَاحَةِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ مَعَ الْعِلْمِ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُكَلَّفٌ وَعُذْرُهُ مُبِيحٌ لِاخْتِيَارِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُكْرَهُ لَمْ يَدْخُلُوا فِي مَنْطُوقٍ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا فِي مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ بَيَّتَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِالصَّوْمِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَلَا يُقَالُ هِيَ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمَرْ بِالصَّوْمِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لَكِنْ إذَا بَيَّتَتْهُ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا كَمَا مَرَّ عَنْ ح؛ لِأَنَّا نَقُولُ: سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ تَطَوَّعَتْ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ كَافِرَةٍ) قَالَ عبق وَلَوْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا كَانَتْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا لَا يُفَطِّرُهَا فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ إذَا كَانَتْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا لَا يُفَطِّرُهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّشَرُّعِ بِدِينِهَا اهـ بْن
(قَوْلُهُ عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ) أَيْ عَنْ الْكَلَامِ الْفَاضِلِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ الْمُبَاحِ فَخَرَجَ ذِكْرُ اللَّهِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِهِ يُشْغِلُ عَنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَتَعَشَّى بَعْدَهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ «إذَا حَضَرَ الْعِشَاءُ وَالْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» فَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مَالِكٌ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَحَمَلَ الْعَشَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْأَكْلِ الْكَثِيرِ وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْأَكْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَمْ يَطُلْ كَثَلَاثِ تَمَرَاتٍ أَوْ زَبِيبَاتٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ (قَوْلُهُ فَتَمَرَاتٍ) أَيْ فَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلْوَيَاتِ؛ لِأَنَّ السُّكَّرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلَاوَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَاءِ وَالتَّمْرُ يُقَدَّمُ عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ حَسَوَاتٍ) جَمْعُ حُسْوَةٍ كَمُدْيَةٍ وَمُدْيَاتٍ وَالْفَتْحُ فِي الْجَمْعِ لُغَةٌ وَالْحُسْوَةُ مِلْءُ الْفَمِ مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ مَا ذَكَرَ وِتْرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَاحِدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثُ أَوْلَى مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ) أَيْ بَعْدَ فِطْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) هُوَ بِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَبِالْفَتْحِ مَا يُؤْكَلُ آخِرَ اللَّيْلِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ لِقَرْنِهِ بِالْفِطْرِ وَلِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ أَيْ لِلثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ السُّحُورِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَكُلَّمَا تَأَخَّرَ كَانَ أَفْضَلَ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤَخِّرُهُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَا بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْفَجْرِ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ خَمْسِينَ آيَةً وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْأَكْلَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَيْسَ سُحُورًا
(قَوْلُهُ وَصَوْمٌ بِسَفَرٍ) أَيْ يُنْدَبُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ فِي سَفَرِهِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ وَسَيَأْتِي شُرُوطُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَيُكْرَهُ الْفِطْرُ، وَأَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا وَذَلِكَ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْقَصْرِ وَعَدَمِ بَرَاءَتِهَا بِالْفِطْرِ فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الصَّوْمِ بِالسَّفَرِ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» قُلْت الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى صَوْمِ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ إذَا شَقَّ وَيُرْوَى الْحَدِيثُ بِاللَّامِ وَالْمِيمِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ عُلِمَ دُخُولُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ) أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ لَا يَمُوتُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ؛ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ يُشْعِرُ بِحَيَاتِهِ وَصُدُورِ ذُنُوبٍ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَنُدِبَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ الْمُرَادُ تَأَكُّدُ النَّدْبِ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ مُطْلَقًا مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ وَالْيَوْمُ الثَّامِنُ) أَيْ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَقَوْلُهُ يُكَفِّرُ أَيْ يُكَفِّرُ صَوْمُهُ سَنَةً مَاضِيَةً وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ وَفِي ح أَنَّ صَوْمَهُ يُكَفِّرُ شَهْرًا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ) ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِيَوْمِ