وَذَلِكَ قَدَحٌ وَثُلُثٌ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ (أَوْ جُزْؤُهُ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّاعِ أَوْ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ مُبَعَّضٍ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُخْرَجِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ قَوْلَ صَاعٍ مَعْنَاهُ إخْرَاجُ صَاعٍ (فَضَلَ) أَيْ الصَّاعُ أَوْ جُزْؤُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ) اللَّازِمِ لَهُ وَلَوْ خَشِيَ الْجُوعَ بَعْدَهُ وَهُمْ مَنْ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُمَوِّنُهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقِّ زَوْجِيَّةٍ (وَإِنْ) قَدَرَ عَلَيْهِ (بِتَسَلُّفٍ) يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَى وَفَائِهِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ وَأُخِذَ مِنْهُ عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ تَسَلُّفُهَا فَالدَّيْنُ السَّابِقُ عَلَيْهَا أَوْلَى أَنْ لَا يُسْقِطَهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ
(وَهَلْ) تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) ، وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَمْتَدُّ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ بِفَجْرِهِ) أَيْ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ (خِلَافٌ) وَلَا يَمْتَدُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَمَنْ وُلِدَ أَوْ اُشْتُرِيَ أَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَمَاتَ أَوْ بِيعَ أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ تَجِبْ وَلَوْ وُلِدَ أَوْ اُشْتُرِيَ أَوْ تُزُوِّجَتْ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَحَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ حَصَلَ مَا ذَكَرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَاسْتَمَرَّ لِلْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ
ثُمَّ بَيَّنَ جِنْسَ الصَّاعِ بِقَوْلِهِ (مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ) بِالْبَلَدِ (مِنْ مُعَشَّرٍ) ، وَهُوَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسَّلْتُ وَالذَّرَّةُ وَالدُّخْنُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَرُزُّ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ فَمُرَادُهُ مَعْشَرٌ خَاصٌّ (أَوْ أَقِطٌ) ، وَهُوَ خَثْرُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجِ زُبْدُهُ فَاَلَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ تِسْعَةٌ فَقَطْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ عَلْسٍ) لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي زَادَهُ عَلَى التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (إلَّا أَنْ يُقْتَاتَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمُعَشَّرِ وَالْأَقِطِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَلَسُ وَغَيْرُهُ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ وَفُولٍ وَحِمَّصٍ وَغَيْرِهَا فَيُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ إنْ تَعَدَّدَ أَوْ مِمَّا اتَّحَدَ إنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُرَادُهُ بِالْحَفْنَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْحَفْنَةِ مِلْءُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ.
(قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَدَحٌ وَثُلُثٌ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا الرُّبْعُ الْمِصْرِيُّ يُجْزِئُ عَنْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ فِي عَبْدٍ إلَخْ) مَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ جُزْؤُهُ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ هُوَ مُخْتَارُ ح وَحَمَلَهُ الشَّارِحَانِ عَلَى الثَّالِثَةِ فَقَطْ وَحَمَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (قَوْلُهُ فَضَلَ) نَعْتٌ لِقَوْلِهِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ أَيْ فَضَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ الصَّاعِ أَوْ جُزْئِهِ فَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرَ أَوْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الزَّكَاةِ يَوْمَهَا أَخْرَجَهَا فَإِنْ دَفَعَهَا لِمُعْطِيهِ فَالظَّاهِرُ تُجْزِيهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ دَفْعِ الزَّكَاةِ لِغَرِيمٍ وَأَخْذِهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ اللَّازِمِ لَهُ صِفَةٌ لِقُوتِ عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَوْلُهُ وَهُمْ أَيْ عِيَالُهُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى ذَلِكَ الصَّاعِ أَوْ جُزْئِهِ بِتَسَلُّفٍ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ الصَّاعِ أَوْ جُزْئِهِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ وُجُوبِ التَّسَلُّفِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ خِلَافٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَالثَّانِي لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَشَهَّرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ فِي خَبَرِ فَرْضِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ الْجَائِزُ، وَهُوَ مَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِغُرُوبِ شَمْسِ رَمَضَانَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْفِطْرُ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْفِطْرُ الْوَاجِبُ الَّذِي يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ شَيْخُنَا بِأَنَّ عَدَمَ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَاجِبٌ فِيهِمَا وَتَنَاوُلَ الْمُفْطِرِ جَائِزٌ فِيهِمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ الْفِطْرِ الْأَوَّلِ جَائِزًا وَالثَّانِي وَاجِبًا فَتَأَمَّلْ وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أُخْرَى أَحَدُهَا أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَا يَمْتَدُّ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا الثَّانِي أَنَّ وَقْتَهُ يَمْتَدُّ مِنْ غُرُوبِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إلَى غُرُوبِ يَوْمِهِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَمْتَدُّ مِنْ غُرُوبِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إلَى زَوَالِ يَوْمِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَمِثْلُ مَنْ ذَكَرَ مَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا تَجِبُ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ وَحَصَلَ الْمَانِعُ) أَيْ، وَهُوَ الْمَوْتُ وَالْبَيْعُ وَالطَّلَاقُ
(قَوْلُهُ مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ بِالْبَلَدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِقُوتِ الْمُخْرِجِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ إنَّمَا هُوَ غَالِبُ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي رَمَضَانَ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ ح تَرْجِيحُهُ لَا فِي الْعَامِ كُلِّهِ وَلَا فِي يَوْمِ الْوُجُوبِ اهـ بْن وَاسْتَظْهَرَ فِي المج أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَغْلَبُ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ مُعَشَّرٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْأَغْلَبِ مِنْ مُعَشَّرٍ أَيْ مُزَكًّى بِالْعُشْرِ وَقَوْلُهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
قَمْحٌ شَعِيرٌ وَزَبِيبٌ سَلْتٌ ... تَمْرٌ مَعَ الْأُرْزِ وَدَخْنٌ ذُرَةٌ
(قَوْلُهُ خَاصٌّ) أَيْ لَا مُطْلَقُ مُعَشَّرٍ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهَا تُخْرَجُ مِنْ عِشْرِينَ صِنْفًا وَهِيَ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ الَّتِي تَجِبُ زَكَاتُهَا بِالْعُشْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ خَثْرُ اللَّبَنِ) أَيْ ثَخِينِهِ.
(قَوْلُهُ الَّذِي زَادَهُ عَلَى التِّسْعَةِ) أَيْ فَأَجَازَ الْإِخْرَاجَ مِنْهُ إنْ غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ عَلَى التِّسْعَةِ أَوْ سَاوَى الْمَوْجُودَ مِنْهَا فِي الِاقْتِيَاتِ وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرُهُ) أَيْ فِي زَمَنِ الرَّخَاءِ وَالشِّدَّةِ مَعًا لَا فِي زَمَنِ الشِّدَّةِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ رُشْدٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ غَيْرَ التِّسْعَةِ إذَا كَانَ غَالِبًا لَا يُخْرِجُ مِنْهُ وَإِنَّمَا يُخْرِجُ مِنْهُ إذَا كَانَ عَيْشُهُمْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ التِّسْعَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرُهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَنْفَرِدَ غَيْرُهُ بِالِاقْتِيَاتِ فَيُخْرِجُ مِنْهُ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ فَيُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ أَيْ اقْتِيَاتُهُ مِنْ