إنْ كَانَ مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي وَفِيهِ إنْ كَانَ مَكَانًا لَهُ وَلَهُ إنْ كَانَ نَفْسَ الْمُصَلِّي وَيُقَابِلُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى أَمْرَانِ النَّجَاسَةُ وَهِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَدَثُ وَهُوَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ لَهُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ كَالْجَنَابَةِ أَوْ بِبَعْضِهَا كَحَدَثِ الْوُضُوءِ وَيُطْلَقُ فِي مَبْحَثِ الْوُضُوءِ عَلَى الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَشْمَلُ طَهَارَةَ مَا يَحْمِلُهُ الْمُصَلِّي سَوَاءٌ كَانَ مَاءً مُضَافًا أَوْ غَيْرَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ تُوجِبُ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا جَوَازَ الصَّلَاةِ لِلشَّخْصِ بِمُلَابَسَتِهِ وَالْمُرَادُ الْمُلَابَسَةُ الِاتِّصَالِيَّةُ بِحَيْثُ يَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ فَدَخَلَ فِيهِ طَهَارَةُ ظَاهِرِ الْبَدَنِ مِنْ خَبَثٍ وَخَرَجَ عَنْهُ طَهَارَةُ الْمَكَانِ فَلِذَا زَادَ قَوْلَهُ أَوْ فِيهِ لِإِدْخَالِهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ فَلِإِدْخَالِ طَهَارَةِ هَيْكَلِ الشَّخْصِ بِتَمَامِهِ مِنْ حَدَثٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي) أَيْ إنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْمُولُ ثَوْبًا أَوْ مَاءً مُضَافًا أَوْ غَيْرَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ مُلَابِسًا لِلْمُصَلِّي لِيَشْمَلَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْمَاءِ وَطَهَارَةِ مَا يَحْمِلُهُ الْمُصَلِّي مِنْ مَاءٍ مُضَافٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَشْمَلُ أَيْضًا طَهَارَةَ ظَاهِرِ الْبَدَنِ مِنْ أَجْلِ خَبَثٍ، فَظَاهِرُ الْبَدَنِ مُتَّصِفٌ بِالطَّهَارَةِ وَهُوَ مُلَابِسٌ لِلْمُصَلِّي وَهُوَ الْهَيْكَلُ بِتَمَامِهِ مِنْ جِسْمٍ وَرُوحٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَكَانًا لَهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَكَانًا لِلْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ نَفْسَ الْمُصَلِّي) أَيْ إنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهَا نَفْسَ الْمُصَلِّي بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَصْدُقُ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ الَّتِي لَا يُصَلِّي بِهَا كَالْوُضُوءِ لِزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالدُّخُولِ عَلَى السَّلَاطِينِ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: التَّعْرِيفُ لِلطَّهَارَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا وَهِيَ الْمُعْتَنَى بِهَا اعْتِنَاءً كَامِلًا شَرْعًا أَوْ يُجْعَلُ تَخْصِيصُ زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ مَثَلًا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ مَانِعًا فَهِيَ تُبِيحُ الصَّلَاةَ لَوْلَا الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: وَيُقَابِلُهَا) أَيْ الطَّهَارَةَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا الطَّهَارَةُ لَا بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ بِمَعْنَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ رَفْعِ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْحَدَثُ بِالْمَاءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ الطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ فَلَا تُقَابِلُ النَّجَاسَةَ وَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّ الطَّهَارَةَ حَقِيقَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ) أَيْ حَكَمَ الْعَقْلُ بِثُبُوتِهَا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا، وَقَوْلُهُ: تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا أَيْ تَسْتَلْزِمُ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا وَقَوْلُهُ: مَنْعُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَيْ مَنْعُ الشَّخْصِ مِنْ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ بِمُلَابَسَةِ ذَلِكَ الْمَوْصُوفِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي أَوْ فِيهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَكَانًا لِلْمُصَلِّي وَلَمْ يَقُلْ أَوَّلَهُ كَمَا فِي حَدِّ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ شَرْعًا لِلْحَدَثِ نَجَاسَةٌ وَلَا لِلْمُحْدِثِ نَجِسٌ فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْكَرَ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِبْهُ حِينَ دَعَاهُ وَتَعَلَّلَ بِأَنَّهُ كَانَ نَجِسًا أَيْ جُنُبًا فَقَالَ لَهُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» .
إنْ قُلْت: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَالُ لَهُ نَجِسٌ بِاعْتِبَارِ الْحَدَثِ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ نَجِسٌ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ النَّجَاسَةِ بِهِ قُلْت: نَجَاسَةُ الْبَدَنِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِمُلَابَسَتِهِ وَالْمَوْصُوفُ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبَدَنِ مُلَابِسٌ لِلْمُصَلِّي وَهُوَ الْهَيْكَلُ بِتَمَامِهِ مِنْ جِسْمٍ وَرُوحٍ فَإِنْ قُلْت يُرَدُّ عَلَى تَعْرِيفِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ لِلدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ قَدْ قَامَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَهِيَ الْمَغْصُوبِيَّةُ تَمْنَعُ الصَّلَاةَ بِهِ أَوْ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُتَّصِفًا بِالنَّجَاسَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ الْمَنْعَ الْوَضْعِيَّ وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا التَّكْلِيفِيَّ وَهُوَ الْحُرْمَةُ. وَالدَّارُ الْمَغْصُوبَةُ، وَإِنْ قَامَ بِهَا وَصْفٌ وَهُوَ الْمَغْصُوبِيَّةُ لَكِنَّهُ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ اقْتَضَى حُرْمَتَهَا وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَامَ بِهِ صِفَةٌ اقْتَضَتْ مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْعَ الصَّلَاةِ وَحُرْمَتَهَا فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا هُوَ لِشَغْلِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهَذَا غَيْرُ قَائِمٍ بِالْمَغْصُوبِ فَفِيهِ أَنَّ الْمَغْصُوبِيَّةَ تَسْتَلْزِمُ الشُّغْلَ الْمَذْكُورَ، وَوُجُودُ الْمَلْزُومِ يَقْتَضِي وُجُودَ اللَّازِمِ
(قَوْلُهُ: مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ لَهُ) أَيْ مَنْعَهُ مِنْ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِ الْمَنْعِ) أَيْ النَّهْيِ عَنْ التَّلَبُّسِ بِالْعِبَادَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةً أَوْ طَوَافًا أَوْ مَسَّ مُصْحَفٍ فَالْحَدَثُ بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ يَمْتَنِعُ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ صِفَاتِهِ تَوْقِيفِيَّةٌ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِالشَّخْصِ بِاعْتِبَارِ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ أَوْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا هَذَا مُرَادُهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّخْصِ أَيْ الْهَيْكَلِ بِتَمَامِهِ لَا بِالْأَعْضَاءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ فِي مَبْحَثِ الْوُضُوءِ)