بِرِضَاهَا (وَ) مُكَاتَبَةُ (صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَى الْكِتَابَةِ لَا عَلَى عَدَمِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ، وَرِضَا الصَّغِيرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَشَارَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (وَإِنْ بِلَا مَالٍ) لَهُمَا (وَ) لَا (كَسْبٍ) لَهُمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِمَا عَلَى الْكَسْبِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ
(وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ كِتَابَةٍ أَوْ جُزْءٍ) مِنْهَا مُعَيَّنٍ كَرُبُعِهَا وَهِيَ مَعْلُومَةٌ أَوْ نَجْمٍ مَعْلُومٍ فَيُبَاعُ النَّقْدُ بِعَرَضٍ حَالٍّ وَالْعَرَضُ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ أَوْ بِعَيْنٍ حَالٍّ لَا لِأَجَلٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ أَيْ إنْ بَاعَهَا لِغَيْرِ الْعَبْدِ.
وَأَمَّا لَهُ فَجَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَكْفِي قُرْبُ غَيْبَتِهِ كَمَا فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ مَبِيعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَجْزِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا (لَا) بَيْعُ (نَجْمٍ) مِنْ نُجُومِهَا فَلَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ عُلِمَ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ، فَإِنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَنِسْبَتَهُ لِبَاقِيهَا جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ آنِفًا وَحَيْثُ جَازَ بَيْعُ كُلِّ الْكِتَابَةِ أَوْ جُزْئِهَا (فَإِنْ وَفَّى) ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَخَرَجَ حُرًّا (فَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ الْبَائِعُ لِانْعِقَادِهِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَوْفَى مَا اشْتَرَاهُ (وَإِلَّا) يُوَفِّ (رَقَّ لِلْمُشْتَرِي) إنْ اشْتَرَى الْكِتَابَةَ كُلَّهَا وَقَدْرَ مَا يُقَابِلُ مَا اشْتَرَى إنْ اشْتَرَى بَعْضَهَا وَلَوْ النَّجْمَ الْأَخِيرَ، فَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ وَعَجَزَ رَقَّ لِسَيِّدِهِ
(وَ) جَازَ (إقْرَارُ مَرِيضٍ) كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي صِحَّتِهِ (بِقَبْضِهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ مِنْ مُكَاتِبِهِ فَيَخْرُجُ حُرًّا (إنْ وَرِثَ) الْمُقِرُّ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ كَلَالَةٍ) بِأَنْ وَرِثَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِرِضَاهَا) التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَيْهَا أَمَّا عَلَى الْجَبْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبَةُ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُمْنَعُ مُكَاتَبَةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ مُكَاتَبَتُهُ عَلَى الْقَوْلِ بَعْدَ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ كِتَابَةِ الصَّغِيرِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِجَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعْلُومَةٌ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ أَرْبَعِينَ وَاشْتَرَى الشَّخْصُ رُبُعَهَا حَالَةَ كَوْنِهِ عَالِمًا بِقَدْرِهَا (قَوْلُهُ: لَا لِأَجَلٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّقْدِ بِعَرَضٍ لِأَجَلٍ وَلَا بَيْعُ الْعَرَضِ بِعَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ) أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْكِتَابَةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ أَيْ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْكِتَابَةِ مُغْتَفَرٌ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الِاغْتِفَارَ إنَّمَا هُوَ فِي عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْعِتْقِ لَا فِي بَيْعِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الدَّيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِهِ حُضُورُ الْمَدِينِ أَوْ قُرْبُ غَيْبَتِهِ.
{تَنْبِيهٌ} لَوْ اطَّلَعَ مُشْتَرِي الْكِتَابَةِ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمُكَاتَبِ نُظِرَ، فَإِنْ أَدَّى فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ مَا اشْتَرَاهُ، وَإِنْ عَجَزَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَيَرُدُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَالْغَلَّةِ هَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ لَا يَرُدُّ ذَلِكَ بَلْ يَفُوزُ بِهِ كَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ لَا بَيْعُ نَجْمٍ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَشْتَرِي مِنْك النَّجْمَ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْعَبْدُ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ النَّجْمَ الْأَوَّلَ أَوْ الْوَسَطَ أَوْ الْأَخِيرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ النَّجْمِ أَخَذَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ وَإِذَا كَانَ النَّجْمُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ جُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لَمْ يُعْلَمْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ) أَيْ لِكَوْنِ النُّجُومِ مُخْتَلِفَةَ الْقَدْرِ أَوْ مُتَّفِقَتَهُ لَكِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ النُّجُومِ مِنْهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقَدْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ النَّجْمَ الَّذِي اشْتَرَاهُ رُبُعُ الْكِتَابَةِ أَوْ ثُلُثُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ) أَيْ وَهُوَ النَّجْمُ أَوْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُوَفِّ) أَيْ بِأَنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ مَا يُقَابِلُ إلَخْ) أَيْ وَرَقَّ قَدْرَ مَا يُقَابِلُ إلَخْ فَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي رَقَّ أَيْ رَقَّ هُوَ أَيْ كُلُّهُ وَقُدِّرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَعَجَزَ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ، وَأَمَّا إنْ وَفَّاهُ لِسَيِّدِهِ خَرَجَ حُرًّا وَكَانَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ مَرِيضٍ بِقَبْضِهَا) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَاتَبَ فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يُتَّهَمْ إنْ تَرَكَ وَلَدًا، وَإِنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً أَيْ غَيْرَ وَلَدٍ وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ اُتُّهِمَ بِالْمَيْلِ مَعَهُ وَالْمُحَابَاةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا قَالَ الْعَوْفِيُّ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إذَا اُتُّهِمَ بِالْمَيْلِ لَهُ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَاهُ كَأَنَّهُ الْآنَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ مِمَّنْ تَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ فَلِذَا قَالَ يُصَدَّقُ وَغَيْرُهُ يَرَى أَنَّ إقْرَارَهُ بِقَبْضِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ بَلْ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى إخْرَاجِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الثُّلُثُ فَلِذَا قَالَ: إنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَقَدْ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا اُتُّهِمَ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ وَلَا يَجُوزُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَيَبْطُلُ إقْرَارُهُ وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا فَسَّرَ التُّونُسِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ