(وَالْبَاقِي لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ الْمُعْتِقِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ، فَإِذَا أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ بَعْضَ عَبْدِهِ الذِّمِّيِّ لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَدِينُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ (كَأَنْ بَقِيَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ الْمُعْتِقِ لِلْجُزْءِ بِأَنْ كَانَ الرَّقِيقُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَيَعْتِقُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ.
أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ أَيْ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْعِتْقِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ فَتَعْتِقُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (الْمُعْتِقُ) لِلْجُزْءِ (مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ) مُسْلِمًا وَمُعْتَقُهُ كَافِرٌ وَشَرِيكُهُ كَذَلِكَ نَظَرًا لِحَقِّ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ كُفَّارًا لَمْ يُقَوَّمْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الشَّرِيكَانِ بِحُكْمِنَا وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَيْسَرَ) الْمُعْتِقُ (بِهَا) أَيْ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ (أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا) هُوَ الَّذِي يَعْتِقُ فَقَطْ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ مَا أَعْسَرَ بِهِ وَلَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَفَضَلَتْ) قِيمَةُ حِصَّةِ الْغَيْرِ (عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ قُوتَهُ وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ الْكِسْوَةُ ذَاتُ الْمَالِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَجَعْلُ هَذَا شَرْطًا مُسْتَقِلًّا فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قَالَ بِأَنْ فَضَلَتْ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُقْرِنْهُ بِأَنَّ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِاخْتِيَارِهِ لَا) جَبْرًا كَدُخُولِ جُزْءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ (بِإِرْثٍ) ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتِقُ جُزْءُ الشَّرِيكِ وَلَوْ مَلِيئًا وَلِسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ) لِإِفْسَادِ الرَّقَبَةِ بِإِحْدَاثِ الْعِتْقِ فِيهَا.
(لَا إنْ) (كَانَ) الْعَبْدُ (حُرَّ الْبَعْضِ) قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ الْبَعْضَ الرِّقَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي حِصَّتَهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ الثَّالِثِ وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مَلِيئًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الشُّرُوطَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَبِالْحُكْمِ وَإِلَّا فَبِدُونِهِ وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِمَالِكٍ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَمِيعِهِ مُسَامَحَةٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الْحُكْمِ بَقِيَّتُهُ لَا جَمِيعُهُ. اهـ. بْن.
(قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي لَهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ فَاعِلِ عَتَقَ (قَوْلُهُ: مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَسْتَغْرِقُ الْبَاقِيَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْبَاقِي بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِي السَّيِّدِ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِي السَّيِّدِ الَّذِي يَعْتِق عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ مِنْ كَوْنِهِ رَشِيدًا حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَمْ يَعْتِقْ جُزْءًا مِنْ مِثْلِهِ وَكَوْنِهِ صَحِيحًا غَيْرَ زَوْجَةٍ أَوْ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً وَقِيمَةُ الْمُعْتَقِ مِنْهُ الْجُزْءُ ثُلُثُ مَا لَهُمَا.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُكْمِلُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَالْعَبْدُ كَافِرًا أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِذَا أَعْتَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءًا وَكَانَ تَكْمِيلُ الْعِتْقِ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يُكْمِلُ (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ) أَيْ أَوْ أَعْتَقَ بَعْضًا مِنْ نَصِيبِهِ وَصَارَ الْبَاقِي بِلَا عِتْقٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَعَبْدٍ بَيْن اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا رُبُعَهُ فَيُكْمِلُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ رُبُعَهُ الْبَاقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ وَنِصْفَ شَرِيكِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُعْتَبَرَةً يَوْمَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَوْمَ الْعِتْقِ) أَيْ لِحِصَّتِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ) أَيْ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ دَفْعُهَا بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ مَعْنَاهُ إنْ أَيْسَرَ بِهَا دَفَعَهَا بِالْفِعْلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ الْآتِي وَأَيْسَرَ بِهَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا هُنَا وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ إنْ دَفَعَ وَقَالَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَهُ إنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا إلَخْ كَانَ أَوْلَى لِمُرُورِهِ عَلَى مَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ دَفْعِ الْقِيمَةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ الْمُعْتَقُ لِلْجُزْءِ مُسْلِمًا) سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الشَّرِيكَانِ بِحُكْمِنَا) ، فَإِنْ رَضِيَا بِهِ نُظِرَ، فَإِنْ أَبَانَ الْمُعْتِقُ الْعَبْدَ أَيْ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَلَمْ يُؤْوِهِ عِنْدَهُ حُكِمَ بِالتَّقْوِيمِ كَمَا فِي عِتْقِ الْكَافِرِ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يُبِنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِتَقْوِيمِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا رَضِيَا بِحُكْمِنَا، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِالتَّقْوِيمِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا) لَا يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُهُ مِنْ اعْتِبَارِ الدَّفْعِ بِالْفِعْلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ لَهَا يَسْتَلْزِمُ يَسَارَهُ بِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِلْزَامُ مَمْنُوعٌ إذْ قَدْ يَدْفَعُهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُوسِرٍ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهَا فَلَا يُكْمِلُ عَلَيْهِ وَيَعْرِفُ عُسْرَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَيُسْأَلُ عَنْهُ جِيرَانُهُ وَمَنْ يَعْرِفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَهُ مَالًا حَلَفَ وَلَمْ يُسْجَنْ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ وَقَالَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا إلَّا الْيَمِينَ فَلَا يَسْتَحْلِفُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَعْضِهَا) أَيْ وَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ الْقِيمَةِ فَمُقَابِلُهَا أَيْ فَمُقَابِلُ قِيمَةِ الْبَعْضِ الَّتِي أَيْسَرَ بِهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَذْكُورٌ فِي خِلَالِ الشُّرُوطِ وَلَوْ قَرَنَهُ بِأَنْ وَأَسْقَطَهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَعْطُوفَاتِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ (قَوْلُهُ: مَا أَعْسَرَ بِهِ) أَيْ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْسَرَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى كَوْنِ الْمُصَنِّفِ قَصَدَ بِهِ تَفْسِيرَ مَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ) أَيْ الْجُزْءِ وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ بِاخْتِيَارِ الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلِيئًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي دَخَلَ الْجُزْءَ فِي مِلْكِهِ بِالْمِيرَاثِ مَلِيئًا (قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ) أَيْ بِإِسْقَاطِ قَوْلِهِ وَفَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا بَلْ الشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ عَلَى مَا حَقَّقَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ