(لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ) وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَقَتْلُهُ مَنْ قَتْلِ الْغِيلَةِ (وَالدَّاخِلِ) عَطْفٌ عَلَى مُسْقِي أَيْ وَكَالدَّاخِلِ (فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَارٍ) حَالَ كَوْنِهِ (قَاتَلَ) حِينَ الْأَخْذِ (لِيَأْخُذَ الْمَالَ) وَأَخَذَهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِ قَاتَلَ لِيَأْخُذَ عَمَّا لَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا بَلْ هُوَ سَارِقٌ إنْ عَلِمَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ لَا قَبْلَهُ فَمُخْتَلِسٌ إنْ نَجَا بِهِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حَدِّ الْمُحَارِبِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ كَمَا فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ (فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ) وَالْمُنَاشَدَةُ مَنْدُوبَةٌ كَمَا فِي الْحَطَّابِ، وَيُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُقَالُ لَهُ نَاشَدْنَاك اللَّهَ إلَّا مَا خَلَّيْت سَبِيلَنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَ) .
فَإِنْ عَاجَلَ بِالْقِتَالِ قُوتِلَ بِلَا مُنَاشَدَةٍ بِالسِّلَاحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ هَلَاكُهُ فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُقَاتَلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَهُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعِ، وَالْقَاتِلُ لَهُ إمَّا رَبُّ الْمَالِ حَالَ حِرَابَتِهِ لَهُ وَإِمَّا الْحَاكِمُ وَلَوْ بَعْدَ حِرَابَتِهِ إذَا ظَفِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ كَمَا يَأْتِي (ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَيُقْتَلُ ثُمَّ إلَخْ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ وَلَوْ قَالَ أَوْ يُصْلَبُ إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ وَأَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِلَا صَلْبٍ أَوْ يَصْلُبَهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا حَيًّا غَيْرَ مَنْكُوسِ الرَّأْسِ ثُمَّ يَقْتُلَهُ مَصْلُوبًا قَبْلَ نُزُولِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ حَدِّهِ وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (يُنْفَى) الذَّكَرُ (الْحُرُّ) الْبَالِغُ الْعَاقِلُ (كَالزِّنَا) فِي مَسَافَةِ الْبُعْدِ كَفَدَكَ وَخَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَكِنَّهُ يُسْجَنُ هُنَا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ.
وَأَمَّا فِي الزِّنَا فَيُسْجَنُ سَنَةً فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ وَيَكُونُ النَّفْيُ بَعْدَ الضَّرْبِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (وَالْقَتْلُ) مَعَ الصَّلْبِ وَالضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ، ظَاهِرُ الْقُرْآنِ خِلَافُهُ فَلَعَلَّهُ أُخِذَ مِنْهُ مِنْ الْمَعْنَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَدَّ فِيهَا أَشَدُّ وَالزِّنَا قَرَنَ النَّفْيَ فِيهِ بِالْجَلْدِ وَمُجَرَّدُ صَلْبٍ بِلَا قَتْلٍ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ رَدْعٍ لِلْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بَعْدَهُ وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (تُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَيْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ الْكُوعِ (وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ (وَلَاءً) بِلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ سَوَاءُ قَتَلَهُ أَمْ لَا وَبِتَقْيِيدِ الصَّبِيِّ هُنَا بِالْمُمَيِّزِ تَنْدَفِعُ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَعَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ فِيهِ وَأُخِذَ مَا مَعَهُ سَرِقَةً وَمَا هُنَا فِي الْمُمَيِّزِ وَأُخِذَ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَكَذَا لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ أَوْ خَدَعَهُ أَيْ الْمُمَيِّزُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِمَا لَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ غَوْثٌ وَمَا هُنَا فِيمَنْ يَتَعَذَّرُ (قَوْلُهُ: وَقَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ ذَلِكَ الْمُخَادِعَ لِأَخْذِ مَا مَعَهُ مِنْ قَتْلِ الْغِيلَةِ أَيْ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ قَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَهِيَ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعَهُ فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ كَالْحِرَابَةِ اهـ.
قَالَ طفى تَفْسِيرُهَا الْغِيلَةَ بِمَا ذَكَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا وَأَنَّ قَتْلَ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِكَوْنِهِ مُحَارِبًا، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ: فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ) أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بَعْدَ أَنْ أَخَذَ مَالَهُ خَوْفًا مِنْ شِكَايَتِهِ فَلَيْسَ مُحَارِبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ عج (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقَالُ: إنَّهُ قَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ لَا لِأَخْذِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ فَمُخْتَلِسٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا طَلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ يُقَالُ لَهُ مُحَارِبٌ؛ لِأَنَّهُ قَاتَلَ لِأَخْذِهِ فَتَأَمَّلْ كَذَا بَحَثَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ فِي الْحِرْزِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ فَارًّا بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ كَانَ مُخْتَلِسًا (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاشَدَةُ مَنْدُوبَةٌ) أَيْ وَأَمَّا الْمُقَاتَلَةُ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ الْقَتْلَ أَوْ الْجُرْحَ وَالْفَاحِشَةَ بِأَهْلِهِ وَإِلَّا كَانَ جَائِزًا
(قَوْلُهُ: إلَّا مَا خَلَّيْت إلَخْ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ نَاشَدْتُك بِاَللَّهِ أَنْ لَا تَفْعَلَ شَيْئًا إلَّا تَخْلِيَةَ سَبِيلِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَاجَلَ) أَيْ الْمُحَارِبُ بِالْقِتَالِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقْتَلُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِقِتَالِهِ إلَّا قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ لَهُ إمَّا رَبُّ الْمَالِ) الْأَوْلَى وَالْقَاتِلُ لِلْمُحَارِبِ إمَّا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ لِمَنْعِهِ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ وَفِي غَايَةِ الْأَمَانِي لَوْ قَتَلَ الْمُحَارِبُ أَحَدَ وَرَثَتِهِ فَقِيلَ يَرِثُهُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ اهـ قَالَ عبق قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الْأَوَّلَ؛ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَاغِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ لِوِرْثِهِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ فَيُقَاتِلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصْلُبُهُ عَلَى خَشَبَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَرْبِطَ جَمِيعَهُ بِهَا لَا مِنْ أَعْلَى فَقَطْ كَإِبِطَيْهِ وَوَجْهِهِ أَوْ ظَهْرِهِ لَهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْتُلُهُ مَصْلُوبًا) أَيْ ثُمَّ يَنْزِلُ إذَا خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرَ فَاضِلٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يُصْلَبُ مُدَّةً بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ يُنْزَلُ فَيُقْتَلُ بَعْدَ نُزُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُنْفَى إلَخْ) أَيْ وَأُجْرَةُ حَمْلِهِ لِلْمَحَلِّ الَّذِي يُنْفَى فِيهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَبْلَ سَنَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُنْتَظَرُ لِأَقْصَى مِنْ سَنَةِ وَظُهُورِ التَّوْبَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ أَخَذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى أَيْ الْعِلَّةِ فِي جَزَائِهِ ذَلِكَ الْجَزَاءِ وَهِيَ التَّشْدِيدُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ إفْسَادِهِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَمُجَرَّدُ صَلْبٍ بِلَا قَتْلٍ) أَيْ وَنَفْيٌ بِلَا ضَرْبٍ لَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الصَّلْبِ