كَذَلِكَ فَلَا قَطْعَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ وَهِيَ هُنَا كَوْنُ بَعْضِ الثَّوْبِ بِغَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ وَالْبَعْضُ صَادِقٌ بِالنِّصْفِ وَالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ، وَأَمَّا جَذْبُهُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ ثُمَّ عَطَفَ بِالْجَرِّ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ.

فَقَالَ (أَوْ) فِي سَرِقَةِ (ثَمَرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ نَخْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُعَلَّقٍ) عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ خِلْقَةً فِي بُسْتَانِهِ مُلْتَبِسًا (بِغَلَقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا (فَقَوْلَانِ) فِي قَطْعِ السَّارِقِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فَمَحِلُّهُمَا فِي غَيْرِ النَّخْلِ بِالدَّارِ وَأَمَّا هُوَ فَيُقْطَعُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ فِي حِرْزِهِ وَقَوْلُنَا عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ فَلَا قَطْعَ وَلَوْ بِغَلَقٍ (وَإِلَّا بَعْدَ) (حَصْدِهِ) أَيْ جَذِّهِ وَوَضْعِهِ فِي مَحَلٍّ اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْجَرِينِ فَإِذَا سَرَقَ مِنْهُ سَارِقٌ (فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالُ يُقْطَعُ (إنْ كَدَّسَ) أَيْ جَمَعَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى صَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ عَجْوَةً؛ لِأَنَّهُ بِتَكْدِيسِهِ أَشْبَهَ مَا فِي الْجَرِينِ لَا إنْ لَمْ يُكَدِّسْ بَلْ بَقِيَ ثَمَرُ كُلِّ شَجَرَةٍ تَحْتَهَا لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَوَّلُ يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي لَا مُطْلَقًا وَمَحِلُّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَارِسٌ وَإِلَّا قُطِعَ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ سُرِقَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ حَالَ حَمْلِهِ لِلْجَرِينِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ.

(وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ) (نَقَبَ) الْحِرْزَ (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ بِسَبَبِ النَّقْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَبُّهُ وَالْقَطْعُ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ (وَإِنْ الْتَقَيَا) أَيْ بِأَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ (وَسَطَ النَّقْبِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ فَأَخْرَجَهُ الْخَارِجُ بِمُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ (أَوْ رَبَطَهُ) الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ (فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ) عَنْ الْحِرْزِ (قُطِعَا) مَعًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ تُقْطَعُ الْيُمْنَى (التَّكْلِيفُ) فَلَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا مُكْرَهٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْرُسُهَا فَقَوْلَانِ بِالْقَطْعِ وَعَدَمِهِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بَعْضُهُ بِدَاخِلِ الدَّارِ وَبَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ إذَا جَذَبَهُ مِنْ الطَّرِيقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَّا جَذْبُهُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ بِهِ

(قَوْلُهُ: مُعَلَّقٍ عَلَى شَجَرَةٍ خِلْقَةً) أَيْ فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ هَذَا اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ كَمَا قَالَ بَعْدُ، وَإِنْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ فَلَا قَطْعَ اتِّفَاقًا وَلَوْ بِغَلَقٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ هُوَ الْمَنْصُوصُ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ فَهُوَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ بَلْ مُخَرَّجٌ لِلَّخْمِيِّ عَلَى السَّرِقَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُ بِمُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَهَا) أَيْ وَمَا فَوْقَهَا لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الثَّمَرِ تَجْرِي فِيمَا حُصِدَ مِنْ قَمْحِ مِصْرَ وَفُولِهَا وَقُرْطِهَا وَوُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ لِيَيْبَسَ ثُمَّ يُنْقَلُ لِلْجَرِينِ فَإِذَا سُرِقَ مِنْهُ قَبْلَ نَقْلِهِ لِلْجَرِينِ فَفِيهِ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فَقَدْ نَقَلَ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ إنَّ فِي الزَّرْعِ بَعْدَ حَصْدِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ كَالثَّمَرِ الْأَوَّلِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهُ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ ضَمُّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ أَمْ لَا وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ ضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ أَمْ لَا حَتَّى يَصِلَ لِلْجَرِينِ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُسْرَقَ بَعْدَ ضَمِّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَارِسٌ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ سَارِقِهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: حَالَ حَمْلِهِ لِلْجَرِينِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مَحْمُولًا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ سُرِقَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ وَكَذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَبُّهُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَلَوْ نَائِمًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْغَصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ فَتَحَ بَابًا عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ، إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَطْعُ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ) صَوَابُهُ وَلَا قَطْعَ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ أَيْضًا.

وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي خَشِّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج أَنَّ السَّارِقَ إذَا نَقَبَ الْحِرْزَ فَقَطْ وَلَمْ يُخْرِجْ النِّصَابَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فَلَوْ أَخْرَجَ غَيْرُهُ النِّصَابَ مِنْ ذَلِكَ النَّقْبِ فَلَا قَطْعَ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّقْبَ يُصَيِّرُ الْمَالَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يُتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَنْقُبُ وَالْآخَرَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قُطِعَ الْمُخْرِجُ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ أَخْرَجَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ؛ لِأَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حِرْزِيَّةَ الْمَكَانِ لِأَنَّا نَقُولُ قَطْعُ الْمُخْرِجِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ حِفْظًا لِمَالِ النَّاسِ وَمُقَابِلُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا يُقْطَعَانِ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ وَعَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ فَلَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ قُطِعَا، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْقَوْلَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ مِنْ أَنَّ النَّقْبَ لَا يُبْطِلُ حِرْزِيَّةَ الْمَكَانِ فَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ شَاسٍ فِي كِتَابِهِ الْجَوَاهِرِ عَلَى ذَلِكَ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا مَجْنُونٌ) أَيْ مُطْبَقٌ أَوْ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَسَرَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ، فَإِنْ سَرَقَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ فَجُنَّ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، إلَّا أَنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ إفَاقَتِهِ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، فَإِنْ شُكَّ فِي سَرِقَةِ مَجْنُونٍ يُفِيقُ أَحْيَانًا هَلْ سَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مُكْرَهٌ) أَيْ عَلَى السَّرِقَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ بِالْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بِضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَأَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى السَّرِقَةِ أَوْ عَلَى الْغَصْبِ فَلَا يَنْفَعُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ وَلَوْ بِخَوْفِ الْقَتْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ ح فِي بَابِ الطَّلَاقِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق هُنَا مِنْ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ اُنْظُرْ بْن -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015