ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا حُدَّ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا ابْن الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي لَمْ يُحَدَّ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُهُ: إنْ نُبِذَ أَيْ مَا دَامَ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَحَدٌ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَحَدٌ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَذْفَ نَوْعَانِ قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَقَذْفٌ بِزِنًا وَأَنَّ الشُّرُوطَ ثَمَانِيَةٌ اثْنَانِ فِي الْقَاذِفِ مُطْلَقًا وَهُمَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ، وَاثْنَانِ فِي الْمَقْذُوفِ مُطْلَقًا قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ زِنًا وَهُمَا الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، وَأَرْبَعَةٌ تَخُصُّ الثَّانِيَ أَيْ الْمَقْذُوفَ بِالزِّنَا وَهِيَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْعِفَّةُ وَالْآلَةُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّانِي وَالشُّرُوطِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ زِنًا) عَطْفٌ عَلَى نَفْيِ أَيْ قَذْفِ الْمُكَلَّفِ حُرًّا مُسْلِمًا بِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ بِزِنًا (إنْ كُلِّفَ) الْمَقْذُوفُ أَيْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا أَيْ بِزِيَادَةٍ عَلَى شَرْطَيْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ (وَعَفَّ) أَيْ كَانَ عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يُوجِبُ الْحَدَّ عَنْ وَطْءٍ لَا يُوجِبُهُ، وَإِنْ أَوْجَبَ الْأَدَبَ كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ أَوْ وَطْءٍ بَيْنَ فَخِذَيْنِ أَوْ فِي دُبُرِ امْرَأَتِهِ فَشَمِلَ كَلَامُهُ صُورَتَيْنِ عَدَمَ وَطْءٍ أَصْلًا وَارْتِكَابَ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ حَدًّا فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ إذْ هُوَ عَفِيفٌ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ ارْتَكَبَ وَطْئًا يُوجِبُ الْحَدَّ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ فَلَوْ قَالَ وَعَفَّ عَنْ زِنًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (بِآلَةٍ) حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ كُلِّفَ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَقْذُوفِ مُلْتَبِسًا بِآلَةِ الزِّنَا فَمَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا أَوْ مَقْطُوعَ ذَكَرٍ بِالزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا قُطِعَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ وَرَمَاهُ بِوَقْتٍ كَانَ فِيهِ مَجْبُوبًا، فَإِنْ رَمَاهُ بِالزِّنَا قَبْلَ الْجَبِّ حُدَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَبَلَغَ) الْمَقْذُوفُ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا بِهِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: كُلِّفَ لَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (كَأَنْ بَلَغَتْ) الْمَقْذُوفَةُ (الْوَطْءَ) ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الْحَيْضَ فَيُحَدُّ قَاذِفُهَا لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهَا كَالْكَبِيرَةِ وَالذَّكَرُ الْمُطِيقُ كَهِيَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ شَرْطُهُ إطَاقَةُ الْوَطْءِ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ (أَوْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ (مَحْمُولًا) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَمِيمٌ وَالْمَحْمُولُونَ جَمَاعَةٌ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِحِرَاسَةِ مَحَلِّ كَذَا قِيلَ وَالصَّحِيحُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ.
(قَوْلُهُ: حُدَّ قَطْعًا) لِأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَأَنَّ الْقَائِلَ بِالْحَدِّ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْحَدِّ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عج قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش الَّذِي فِي عج وَهُوَ الْحَقُّ عَدَمُ الْحَدِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِكَوْنِ أَبَوَيْهِ غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ ابْنُ زِنًا أَوْ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الشُّرُوطَ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةَ فِي لُزُومِ حَدِّ الْقَاذِفِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قُذِفَ بِنَفْيِ نَسَبِهِ أَوْ زِنًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَقْذُوفَ بِالزِّنَا) أَيْ دُونَ الْمَقْذُوفِ بِنَفْيِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَانَ عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا) أَيْ سَالِمًا مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَفَافُ الْمَقْذُوفِ الْمُوجِبُ لِحَدِّ قَاذِفِهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ السَّلَامَةُ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ح وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِفَّةِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالزِّنَا أَوْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إذْ قَذَفَهُ بِالزِّنَا فَالْمُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الزِّنَا وَعَدَمِ الْعِفَّةِ هُوَ الْقَاذِفُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] الْآيَةَ وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ فَلَا يُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الْعَفَافِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْعَفَافِ حَتَّى يُثْبِتَ الْقَاذِفُ خِلَافَهُ، وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ أَنْ يُثْبِتَ الْعَفَافَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي النَّفْرَاوِيِّ لَا يَنْفَعُ الْقَاذِفَ عَدْلَانِ بَلْ يُحَدُّ هُوَ وَالشَّاهِدَانِ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ أَرْبَعَةٌ يَشْهَدُونَ عَلَى الْفِعْلِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَآخَرُ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لُفِّقَ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ: لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِهِ) أَيْ فَإِنْ زَنَى الشَّخْصُ بَعْدَ أَنْ قُذِفَ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ.
(قَوْلُهُ: عَنْ وَطْءٍ لَا يُوجِبُهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِفَّةُ وَالسَّلَامَةُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ) أَيْ قَبْلَ الْقَذْفِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ الْحَدُّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ) أَيْ وَإِذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِالزِّنَا فَقَذَفَهُ آخَرُ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فَيُحَدُّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَمَاهُ بِالزِّنَا قَبْلَ الْجَبِّ حُدَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَذْفَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ تَابِعٌ لِحَدِّهِ كَمَا سَبَقَ فَإِذَا رَمَاهُ شَخْصٌ بِالزِّنَا بِفَرْجِهِ الذَّكَرِ أَوْ فِي فَرْجِهِ الَّذِي لِلنِّسَاءِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِمَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَمَاهُ بِأَنَّهُ أُتِيَ فِي دُبُرِهِ حُدَّ رَامِيهِ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِ حُدَّ حَدَّ الزِّنَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى فَيَكُونُ إتْيَانُهُ كَإِتْيَانِ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ لِأَجْلِ دَرْءِ حَدِّ اللِّوَاطِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِالشُّبْهَةِ وَلَا يُحَدُّ حَدَّ اللِّوَاطِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ.
(قَوْلُهُ: فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا بِهِ) الْأَوْلَى حَذَفَ قَوْلِهِ أَوْ مَفْعُولًا بِهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَ فَاعِلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا كَانَ مَفْعُولًا فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ بَلْ إطَاقَتُهُ الْوَطْءَ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ عَنْ قُرْبٍ.
(قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: كُلِّفَ) أَيْ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ يَسْتَلْزِمُ الْبُلُوغَ.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ) أَيْ الْمَقْذُوفَ بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا بِهِ وَقَوْلُهُ: شَرْطُهُ أَيْ شَرْطُ حَدِّ قَاذِفِهِ إطَاقَةُ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ لِلْوَطْءِ سَوَاءٌ قُذِفَ بِزِنًا أَوْ لِوَاطٍ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا فَشَرْطُ حَدِّ قَاذِفِهِ بُلُوغُ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ سَوَاءٌ قُذِفَ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا لِلزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَ الْمَحْمُولُ هُوَ الْمَسْبِيُّ وَأَمَّا الْمَجْهُولُ النَّسَبُ فَهُوَ