وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ (فَلَهُ) أَيْ لِمُدَّعِي الْخَطَإِ (الْحَلِفُ) لِجَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَأَخْذُ نَصِيبِهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَالَ لَا نَعْلَمُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ حَلَفَ نَصِيبُهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَبَعْضُهُمْ عَمْدًا فَحُكْمُهُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَعْضَانِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمَيِّتُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ بِأَنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ خَطَأً (وَاسْتَوَوْا) فِي الدَّرَجَةِ كَأَوْلَادٍ، أَوْ إخْوَةٍ، أَوْ أَعْمَامٍ (حَلَفَ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُدَّعِي الْعَمْدِ وَمُدَّعِي الْخَطَإِ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ (وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ خَطَإٍ) عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ (وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ) أَيْ مُدَّعِيهِ (بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ) أَيْ ذِي الْخَطَإِ فَلَا قَسَامَةَ لِذِي الْعَمْدِ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لِدَعْوَاهُ الدَّمَ إنَّمَا يَحْلِفُ تَبَعًا لِذِي الْخَطَإِ وَيَصِيرُونَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ ادَّعَى جَمِيعُهُمْ الْخَطَأَ وَنَكَلُوا فَتَحْلِفُ عَاقِلَةُ الْجَانِي وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ غَرِمَ وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الثَّانِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ بِقَوْلِهِ (وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ (أَوْ) شَهِدَا (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ (عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) فَيَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQدَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يُقَيِّدْ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ (قَوْلُهُ: وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ) أَيْ صِفَةَ قَتْلِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا إذَا قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ قَالَ لَا عِلْمَ لَنَا بِعَيْنِ قَاتِلِهِ كَمَا فِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَالَ لَا نَعْلَمُ) أَيْ لَا نَعْلَمُ صِفَةَ قَتْلِهِ، أَوْ لَا نَعْلَمُ عَيْنَ قَاتِلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَنَكَلَ الْبَعْضُ إلَخْ) أَيْ وَحَلَفَ الْبَعْضُ الثَّانِي جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ) أَيْ إذَا حَلَفَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ كُلَّهَا فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ دُفِعَتْ حِصَّتُهُ لِلنَّاكِلِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَأَمَّا لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلُوا كُلُّهُمْ عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ رُدَّتْ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فَإِنْ حَلَفُوهَا كُلُّهُمْ سَقَطَتْ الدِّيَةُ، وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ دُفِعَتْ حِصَّتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ النَّاكِلِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْبَعْضَانِ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِمَ ثَنَّى الضَّمِيرَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ اخْتَلَفَا وَجَمَعَهُ ثَانِيًا فِي قَوْلِهِ وَاسْتَوَوْا مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ مُطَابَقَةُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ وَاسْتَوَيَا.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ ثَنَّاهُ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا طَائِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَدَّعِي الْعَمْدَ، وَالْأُخْرَى تَدَّعِي الْخَطَأَ وَجَمَعَ ثَانِيًا نَظَرًا لِتَعَدُّدِ أَفْرَادِ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقَ الْمَيِّتَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوَوْا) أَيْ الْمُتَخَالِفَانِ وَقَوْلُهُ فِي الدَّرَجَةِ أَيْ فِي دَرَجَةِ الْقَرَابَةِ لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ عَدَدُ ذِي الْعَمْدِ وَذِي الْخَطَإِ وَقَوْلُهُ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَيْ وَفِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُ التَّكَلُّمُ كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَاخْتَلَفَتْ مَرْتَبَتُهُمْ قُرْبًا وَبُعْدًا وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهُ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ وَأَعْمَامٍ فَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ عَمْدًا، وَالْبَنَاتُ خَطَأً كَانَ الدَّمُ هَدَرًا لَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ وَلَا قَوَدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَنَاتِ يَدَّعِينَ الْخَطَأَ وَلَهُنَّ الْحَلِفُ فِيهِ فَفِي إعْمَالِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا تَحَكُّمٌ، وَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ خَطَأً، وَالْبَنَاتُ عَمْدًا حَلَفَتْ الْعَصَبَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَكَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً كَمَا يَأْتِي فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَاسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْجَمِيعِ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ مَعَ بَنِينَ، فَالْعِبْرَةُ بِكَلَامِ الْبَنِينَ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِكَلَامِ الْأَعْمَامِ مَعَ الْبَنِينَ
1 -
(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ حَقُّ ذِي عَمْدٍ) أَيْ فِي الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ: بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ حَلَفَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَإِ وَنَكَلَ الْبَاقِي، فَهَلْ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ الْحَلِفُ تَبَعًا لِحَلِفِ بَعْضِ مُدَّعِي الْخَطَإِ أَمْ لَا وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الشَّيْخُ يُوسُفُ الْفِيشِيُّ وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ وَرُبَّمَا يَشْمَلُهُ التَّعْلِيلُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِحَلِفِ ذَوِي الْخَطَإِ فَإِذَا كَانَ مُدَّعُو الْخَطَإِ اثْنَيْنِ وَمُدَّعُو الْعَمْدِ اثْنَيْنِ وَحَلَفَ وَاحِدٌ مِنْ مُدَّعِي الْخَطَإِ كَانَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ الْحَلِفُ مَعَهُ وَتَأْخُذُ الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ فَيَدْخُلُ مُدَّعِي الْعَمْدِ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ مِنْ مُدَّعِي الْخَطَإِ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِدَعْوَاهُ الدَّمَ إنَّمَا يَحْلِفُ) أَيْ لِيَأْخُذَ مِنْ الدِّيَةِ تَبَعًا لِذِي الْخَطَإِ، وَالْأَوْضَحُ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الدِّيَةِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِمُدَّعِي الْخَطَإِ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ إنَّمَا يَدَّعِي الدَّمَ فَيَصِيرُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتَحْلِفُ عَاقِلَةُ الْجَانِي) أَيْ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ غَرِمَ) أَيْ مَا يَنُوبُهُ وَيَقْسِمُ مَا غَرِمَ النَّاكِلُ مِنْ الْعَاقِلَةِ عَلَى مُدَّعِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ أَيْ فِي الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى قَسَامَتِهِمْ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِحُرٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ) أَيْ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَثَرٌ لَهُمَا
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ جُرْحٍ وَضَرْبٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَإِ.
(قَوْلُهُ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) عَطْفٌ عَلَى جُرْحٍ أَيْ كَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ أَثَرَهُ مَوْجُودٌ، وَإِلَّا لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى إقْرَارِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُكَرَّرٍ مَعَ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي قَتَلَنِي فُلَانٌ وَكَانَ هُنَاكَ جُرْحٌ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ مَوْجُودٌ وَمَا