الْجُنْدِ وَعَدَدُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ (إنْ أُعْطُوا) هَذَا شَرْطٌ فِي التَّبْدِئَةِ لَا فِي كَوْنِهِمْ عَاقِلَةً؛ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا يَعْنِي أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالدِّيَةِ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ حَيْثُ كَانَ الْجَانِي مِنْ الْجُنْدِ وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَمَحَلُّ التَّبْدِئَةِ بِهِمْ إذَا كَانُوا يُعْطَوْنَ أَرْزَاقُهُمْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُمْ فِي الدَّفْتَرِ مِنْ الْمَعْلُوفَاتِ والجَامِكِيَّاتِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ دِيوَانٌ، أَوْ كَانَ وَلَيْسَ الْجَانِي مِنْهُمْ، أَوْ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْطَوْا بُدِئَ (بِهَا) أَيْ بِالْعَصَبَةِ (الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ) مِنْ الْعَصَبَةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَصَبَةٌ وَلَا أَهْلُ دِيوَانٍ قُدِّمَ (الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْآتِي فِي الْوَلَاءِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُونُوا قُدِّمَ الْمَوَالِي (الْأَسْفَلُونَ) عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا) ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ عَنْ كَافِرٍ، وَهَلْ عَلَى الْجَانِي بِقَدْرِ قُوتِهِ مَعَهُ، أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَإِلَّا ظَهَرَ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَعَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْجَانِي مُسْلِمًا بَلْ كَافِرًا (فَالذِّمِّيُّ) يَعْقِلُ عَنْهُ (ذَوُو دِينِهِ) الَّذِينَ مَعَهُ فِي بَلَدِهِ النَّصَارَى عَنْ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِ عَنْ الْيَهُودِيِّ وَلَا يَعْقِلُ نَصْرَانِيٌّ عَنْ يَهُودِيٍّ وَلَا عَكْسُهُ، وَالْمُرَادُ بِذِي دِينِهِ مَنْ يَحْمِلُ مَعَهُ الْجِزْيَةَ أَنْ لَوْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ إذَا جَنَتْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْكَافِرُ إذَا أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فَاَلَّذِي يَعْقِلُ عَنْهُ إذَا جَنَى بَيْتُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُهُ لَا مَنْ أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُنْدِ وَعَدَدُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ) أَيْ فَيُنَزَّلُ ضَبْطُ عَدَدِهِمْ وَعَطَائِهِمْ بِدَفْتَرٍ مَنْزِلَةَ النَّسَبِ لِمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَاوُنِ، وَالتَّنَاصُرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَلَدَ إذَا كَانَ جُنْدُهَا طَوَائِفَ كُلُّ طَائِفَةٍ مَكْتُوبٌ عَدَدُهَا وَعَطَاؤُهَا بِدَفْتَرٍ هَلْ يَكُونُ جُنْدُ تِلْكَ الْبَلَدِ كُلُّهُمْ أَهْلَ دِيوَانٍ، أَوْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَهْلُ دِيوَانٍ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ لِلْأَوَّلِ قَائِلًا الْمُرَادُ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ أَهْلُ دِيوَانِ إقْلِيمٍ وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ الثَّانِي فَجُنْدُ مِصْرَ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانُوا طَوَائِفَ سَبْعَةً عَرَبٌ وإنكشارية إلَخْ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْقِلُ الطَّوَائِفَ السَّبْعَةَ عَمَّنْ جَنَى مِنْ أَيِّ طَائِفَةٍ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَعْقِلُ عَنْ الْجَانِي إلَّا طَائِفَتُهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَعْطَوْا، أَوْ لَمْ يُعْطُوا فَعَلَى فَرْضِ أَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا يَعْقِلُونَ وَلَكِنْ تُعَيِّنُهُمْ عَصَبَةُ الْجَانِي وَلَا يَبْدَءُونَ عَلَيْهِمْ هَذَا كَلَامُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّ الْإِعْطَاءَ شَرْطٌ فِي كَوْنِ أَهْلِ الدِّيوَانِ عَاقِلَةً يُؤَدِّي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالشَّارِحُ بَهْرَامُ، وَهُوَ صَرِيحُ التَّوْضِيحِ وَنَصُّ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءً فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ اُنْظُرْ بْن.
(تَنْبِيهٌ) :
إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ مَنْ يَحْمِلُ لِقِلَّتِهِمْ وَنَقْصِهِمْ عَنْ السَّبْعِمِائَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْعَاقِلَةِ سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ عَلَى الْأَلْفِ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ ضُمَّ إلَيْهِمْ عَصَبَةُ الْجَانِي الَّذِينَ لَيْسُوا مَعَهُ فِي الدِّيوَانِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ لَا عَصَبَةُ أَهْلِ الدِّيوَانِ كَمَا، فَهِمَهُ عج مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِهَا الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ فَعَصَبَتُهُ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَبْدَأُ بِالْعَشِيرَةِ، وَهُمْ الْإِخْوَةُ، ثُمَّ بِالْفَصِيلَةِ، ثُمَّ بِالْفَخِذِ، ثُمَّ بِالْبَطْنِ، ثُمَّ بِالْعِمَارَةِ، ثُمَّ بِالْقَبِيلَةِ، ثُمَّ بِالشَّعْبِ، ثُمَّ أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْمَاءَ طَبَقَاتِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ سِتَّةٌ الشَّعْبُ بِالْفَتْحِ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ، ثُمَّ الْبَطْنُ، ثُمَّ الْفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ بِالْعَشِيرَةِ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ فَأَوْلَادُ الْجَدِّ الرَّابِعَ عَشَرَ كَخُزَيْمَةَ شِعْب وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الثَّالِثَ عَشَرَ مِثْلُ كِنَانَةَ قَبِيلَةٌ وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الثَّانِي عَشَرَ مِثْل النَّضْرِ الْمُلَقَّبِ بِقُرَيْشٍ عِمَارَة وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الرَّابِعِ مِثْلُ قُصَيٍّ بَطْنٌ وَأَوْلَادُ أَبِي الْجَدِّ كَهَاشِمٍ يُقَالُ لَهُمْ فَخِذٌ وَأَوْلَادُ الْعَمِّ كَأَوْلَادِ الْعَبَّاسِ فَصِيلَةٌ، وَالْإِخْوَة يُقَال لَهُمْ عَشِيرَة (قَوْله الْأَعْلَوْنَ) أَيْ، وَهُمْ الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاء وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَرْأَة الْمُبَاشَرَة لِلْعِتْقِ (قَوْله الْأَسْفَلُونَ) أَيْ وَلَا يُدْخَلُ فِيهِمْ الْمَرْأَة الْعَتِيقَة أَخَذَا مِنْ كَلَام الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْله بِقَدْرِ قُوَّته) الْأُولَى بِقَدْرِ مَا يَنُوبهُ أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَاقِلَةٌ سَبْعمِائَةٍ اهـ بْن وَقَوْله أَيْ أَوْ لَا شَيْء عَلَى الْجَانِي، وَالدِّيَة كُلّهَا تُؤْخَذ مِنْ بَيْت الْمَال (قَوْله فَعَلَى الْجَانِي فِي مَاله) أَيْ وَتُنَجَّمُ عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَام فِي الْقَتْل الْخَطَأ، فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَة قَائِم مَقَام الْعَاقِلَة اهـ شَيْخُنَا (قَوْله رَاجَعَ لِجَمِيعِ مَا قَبْله) أَيْ كَمَا قَالَ الْمَوَّاقُ لَا أَنَّهُ شَرْط فِي بَيْت الْمَال فَقَطْ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ حَيْثُ قَالَ، وَإِلَّا بِأَنَّ كَانَ الْجَانِي كَافِرًا، وَالْفَرْض أَنَّهُ لَا عُصْبَة لَهُ وَلَا دِيوَان وَلَا مَوَالِي فَأَهْلُ دِينِهِ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ، فَالذِّمِّيّ كَالْمُسْلِمِ فِي أَنْ عَاقِلَته أَهْل دِيوَانه وَعَصَبَتُهُ إنْ وُجِدَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ، ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَر فَأَهْل دِينه كَمَا أَنَّ الْمُسْلِم إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ يَعْقِل عَنْهُ بَيْت الْمَال (قَوْله بَلْ كَافِرًا) أَيْ كَانَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا (قَوْله ذَوُو دِينه) أَيْ سَوَاء كَانُوا عُصْبَة أَمْ لَا أَهْل دِيوَان أَمْ لَا فَلَا يُفَصَّلُ فِي الذِّمِّيّ تَفْصِيل الْمُسْلِم، وَهَذَا مَا قَرَّرَ بِهِ الْمَوَّاقُ.
(قَوْله الَّذِي مَعَهُ فِي بَلَده) أَيْ لِعِلَّةِ التَّنَاصُر (قَوْله وَلَا يَعْقِل نَصْرَانِيّ عَنْ يَهُودِيّ. . . إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ التَّنَاصُر، وَإِنْ كَانَ الْكُفْر كُلّه مِلَّة وَاحِدَة مِنْ حَيْثُ الْقِصَاص (قَوْله فَيَشْمَل الْمَرْأَة إذَا جَنَتْ) أَيْ فَيَشْمَل الْجَانِي الْمَذْكُورُ الْمَرْأَة الْكَافِرَةَ إذَا جَنَتْ فَإِنَّهَا يَعْقِل عَنْهَا أَهْل دِينهَا