(فَلَهُ) أَيْ لِسَالِمِ الْعَيْنَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْقِصَاصُ) مِنْ الْأَعْوَرِ فَيَصِيرُ أَعْمَى (أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ) مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ، وَهِيَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ لِمَا مَرَّ (و) إنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِنْ السَّالِمِ (غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُمَاثِلَةِ لِعَيْنِهِ بِأَنْ فَقَأَ مُمَاثِلَةَ الْعَوْرَاءِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ) تَلْزَمُهُ (فِي مَالِهِ) لِتَعَمُّدِهِ (وَإِنْ) (فَقَأَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ السَّالِمِ) عَمْدًا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى (فَالْقَوَدُ) فِي الْمُمَاثَلَةِ لِعَيْنِهِ (وَنِصْفُ الدِّيَةِ) فِي الْمُغَايِرَةِ لَهَا (وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ) لِكَبِيرٍ أَيْ مُثْغِرٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الصَّغِيرَ فِيمَا يَأْتِي وَأُعِيدَتْ مَكَانَهَا (فَثَبَتَتْ) ، وَكَذَا إنْ اضْطَرَبَتْ جِدًّا كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ ثَبَتَتْ (فَالْقَوَدُ) فِي الْعَمْدِ وَلَا يُسْقِطُهُ ثُبُوتُهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجُرْحِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَأَلُّمُ الْجَانِي بِمِثْلِ مَا فَعَلَ وَفِي جِنَايَةِ (الْخَطَإِ) فَثَبَتَتْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ خَطَإٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَكَالْخَطَإِ أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ دِيَةُ الْخَطَإِ فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى كَمُوضِحَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ يُؤْخَذُ عَقْلُهُ، ثُمَّ يَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا

(وَالِاسْتِيفَاءُ) فِي النَّفْسِ (لِلْعَاصِبِ) الذَّكَرِ فَلَا دَخْلَ فِيهِ لِزَوْجٍ وَلَا لِأَخٍ لِأُمٍّ، أَوْ جَدٍّ لَهَا وَقُدِّمَ ابْنُ فَابْنُهُ (كَالْوَلَاءِ) يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَةِ فِي إرْثِهِ إلَّا الْجَدَّ، وَالْإِخْوَةَ فَسِيَّانِ هُنَا فِي الْقَتْلِ، وَالْعَفْوِ بِخِلَافِ إرْثِ الْوَلَاءِ فَتُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ عَلَيْهِ وَأَشْعَرَ الِاسْتِثْنَاءُ بِسُقُوطِ بَنِيهِمْ مَعَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ وَلَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَ الْأَبِ، وَإِنَّمَا قَالَ كَالْوَلَاءِ وَلَمْ يَقُلْ كَإِرْثٍ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ الْجَدُّ وَلَوْ عَلَا وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دِنْيَةً، فَبَيَّنَ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَدُّ الْقَرِيبُ وَأَنَّ الْعَالِيَ، لَا كَلَامَ لَهُ مَعَهُمْ كَمَا أَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ أَصْلًا، فَالْإِمَامُ يَقْتَصُّ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ وَيَحْلِفُ (الْجَدُّ) الثُّلُثَ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَخٍ حَلَفَ النِّصْفَ. وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اتِّفَاقًا.

(وَهَلْ) إنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ يَحْلِفُ الثُّلُثَ مُطْلَقًا، أَوْ (إلَّا فِي الْعَمْدِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْمِسْنَاوِيُّ الْفِقْهُ صَحِيحٌ، لَكِنَّ تَخْيِيرَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الدِّيَةِ، وَالْقِصَاصِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ تَحَتُّمُ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّخْيِيرِ هُوَ عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَيْنِ الْجَانِي، وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ عَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَلْفُ دِينَارٍ بِخِلَافِ عَيْنِ الْجَانِي كَمَنْ كَفُّهُ مَقْطُوعَةٌ وَقَطَعَ يَدَ رَجُلٍ، مِنْ الْمَرْفِقِ اهـ. وَهَذَا الْجَوَابُ يُقَوِّي إشْكَالَ التَّخْيِيرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا فَقَأَ سَالِمٌ الْمُمَاثِلَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقِصَاصُ مِنْ الْأَعْوَرِ) أَيْ بِفَقْءِ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا خَيَّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ السَّالِمَ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهَا نِصْفُ دِيَةٍ وَعَيْنَ الْجَانِي فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَقْلِ (قَوْلُهُ: مَا تَرَكَ) أَيْ السَّالِمُ وَقَوْلُهُ مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ بَيَانٌ لِمَا تَرَكَهُ السَّالِمُ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ، وَهِيَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّالِمِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مِنْ الْأَعْوَرِ لِانْعِدَامِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ فَقَأَهُمَا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى وَبَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا أَوَّلًا، أَوْ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا وَثَنَّى بِالْأُخْرَى، فَالْقِصَاصُ وَأَلْفُ دِينَارٍ لِتَعَيُّنِ الْقِصَاصِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ عَيْنَ أَعْوَرَ فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ فَقَأَهُمَا مَعًا، أَوْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا، فَالْقَوَدُ فِي الْمُمَاثِلَةِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَثَبَتَتْ) أَيْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجُرْحِ) أَيْ وَيَوْمُ الْجُرْحِ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً (قَوْلُهُ: وَفِي الْخَطَإِ) أَيْ وَفِيمَا إذَا قَلَعَهَا شَخْصٌ خَطَأً، ثُمَّ أُعِيدَتْ فَثَبَتَتْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ يُؤْخَذُ عَقْلُهُ أَنْ يَقُولَ فَلَا يُرَدُّ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا

(قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ) أَيْ وَاسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي لِعَاصِبِ الْمَقْتُولِ لَا لِغَيْرِهِ وَلِذَا قَالُوا لَا يَجُوزُ الْقَتْلُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِهِ وَلَوْ عَايَنَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَقْتُولَ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قُتِلَ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَقْتُولَ بَلْ يُحْبَسُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لِلْمَقْتُولِ عَاصِبًا يَعْفُو وَقَوْلُهُ لِلْعَاصِبِ أَيْ مِنْ النَّسَبِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَاصِبُ الْوَلَاءِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا، فَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ لِلْعَاصِبِ الذَّكَرِ) أَيْ، وَهُوَ الْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ خَرَجَ الْعَاصِبُ لِغَيْرِهِ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَخْلَ فِيهِ لِزَوْجٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنَ عَمٍّ لِزَوْجَتِهِ الْمَقْتُولَةِ (قَوْلُهُ كَالْوَلَاءِ) أَحَالَ مَا هُنَا عَلَى مَرَاتِبِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا هُنَاكَ، فَالْأَوْلَى الْإِحَالَةُ عَلَى النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ) أَيْ الَّذِي يَرِثُ مَعَ الْإِخْوَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ) أَيْ، وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ فِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دِنْيَةً،، (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَدُّ الْقَرِيبُ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ الَّذِي يُسَاوِي الْإِخْوَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ الْجَدُّ الْقَرِيبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ أَصْلًا) أَيْ لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْجَانِي بَعْدَ ثُبُوتِ جِنَايَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْقَاتِلِ، وَالْمَقْتُولِ كَافِرًا، ثُمَّ يُسْلِمُ الْقَاتِلُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: حَلَفَ النِّصْفَ) أَيْ كَمَا يَحْلِفُ الْأَخُ النِّصْفَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ النِّصْفُ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ إرْثِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ، أَوْ إلَّا فِي الْعَمْدِ) أَيْ، أَوْ يَحْلِفُ الثُّلُثَ إلَّا فِي الْعَمْدِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015