(و) يُقْتَلُ (الْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) كَحَافِرِ بِئْرٍ لِمُعَيَّنٍ فَرَدَّاهُ غَيْرُهُ فِيهَا و (كَمُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (وَمُكْرَهٍ) بِفَتْحِهَا يُقْتَلَانِ مَعًا هَذَا لِتَسَبُّبِهِ، وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، فَهَذَا مِثَالٌ لِلْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارُ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِثَالَ السَّبَبِ بِقَوْلِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَقَوْلِهِ وَكَإِكْرَاهٍ وَقَوْلِهِ وَكَإِمْسَاكٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْمُبَاشَرَةَ وَأَفَادَ هُنَا أَيْ فِي بَحْثِ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِوَاحِدٍ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْمُبَاشَرَةُ، وَالسَّبَبُ، فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْمُبَاشِرِ، أَوْ بِالْمُتَسَبِّبِ، وَهَذَا صَنِيعٌ عَجِيبٌ (وَكَأَبٍ) أَمَرَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا (أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا) بِقَتْلِ حُرٍّ فَقَتَلَهُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْمُعَلِّمِ دُونَ الصَّغِيرِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (وَسَيِّدٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى أَبٍ (أَمَرَ عَبْدًا) لَهُ بِقَتْلِ شَخْصٍ (مُطْلَقًا) صَغِيرًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ كَبِيرًا فَيُقْتَلُ السَّيِّدُ لِتَسَبُّبِهِ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُكَلَّفًا، فَالْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِقَتْلِ السَّيِّدِ لَا لِعَدَمِ قَتْلِ الْعَبْدِ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ) الْمُكَلَّفُ مِنْ الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُورُ الْمُكَلَّفُ ابْنًا لِلْآمِرِ، أَوْ مُتَعَلِّمًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُورِ (فَقَطْ) ؛ إذْ لَا إكْرَاهَ حَقِيقَةً عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ وَضُرِبَ الْآمِرُ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً.

وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخَوْفِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ الْخَوْفِ بِالْقَتْلِ قُتِلَا مَعًا لِلْإِكْرَاهِ (وَعَلَى) الْمُكَلَّفِ (شَرِيكِ الصَّبِيِّ) فِي قَتْلِ شَخْصٍ (الْقِصَاص) وَحْدَهُ دُونَ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ) عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ كَخَطَئِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، أَوْ الْكَبِيرُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا، وَإِنْ قَتَلَاهُ، أَوْ الْكَبِيرُ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي وَقْتِ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: فَرَدَّاهُ غَيْرُهُ فِيهَا) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ مِنْ الْحَافِرِ، وَالْمُرْدِي (قَوْلُهُ كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ يُقْتَلَانِ مَعًا) مَحَلُّ قَتْلِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبًا لِلْمَقْتُولِ، وَإِلَّا قُتِلَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ وَحْدَهُ وَأَمَّا لَوْ أَكْرَهَ الْأَبُ شَخْصًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ فَقَتَلَهُ فَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ، وَكَذَا الْأَبُ إنْ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ، أَوْ شَقِّ جَوْفِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، أَوْ بِغَيْرِهَا كَأَنْ قَتَلَهُ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ لَا، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ بِمُطْلَقِ قَتْلٍ فَذَبَحَهُ، أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ بِحَضْرَتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ وَلَمْ يَمْنَعْ لَا إنْ حَضَرَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهَا وَلَا إنْ فَعَلَهَا فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ إلَخْ) أَيْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ أَيْ الْإِتْلَافَ الْمُوجِبَ لِلْقِصَاصِ ضَرْبَانِ إتْلَافٌ بِمُبَاشَرَةٍ، وَإِتْلَافٌ بِالسَّبَبِ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا أَمْثِلَةَ الْإِتْلَافِ بِالْمُبَاشَرَةِ بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَمُثَقَّلٍ وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَمْثِلَةَ الضَّرْبِ الثَّانِي، وَهُوَ الْإِتْلَافُ بِالسَّبَبِ بِقَوْلِهِ وَكَحَفْرِ بِئْرٍ إلَخْ وَكَإِكْرَاهٍ وَكَإِمْسَاكٍ لِلْقَتْلِ، ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْمُبَاشَرَةُ، وَالسَّبَبُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُبَاشِرِ، وَالْمُتَسَبِّبِ وَلَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَكَأَبٍ، أَوْ مُعَلِّمٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا الْفَصْلُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ كُلُّهُ فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِوَاحِدٍ فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ فِيهِ إلَّا مَسْأَلَةَ السَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ الْكَبِيرِ وَيُقَدِّمُ مَسْأَلَةَ الْأَبِ، وَالْمُعَلِّمِ، وَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْإِكْرَاهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا) أَيْ أَمَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَدًا صَغِيرًا وَلَوْ مُرَاهِقًا، فَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ غَيْرُ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْمُعَلِّمِ دُونَ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ حُرًّا نِصْفُ الدِّيَةِ فَإِنْ كَثُرَ الصِّبْيَانُ الْأَحْرَارُ كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ كُلُّ عَاقِلَةٍ ثُلُثًا، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: أَمَرَ عَبْدًا لَهُ) التَّقْيِيدُ بِعَبْدِهِ مُخْرِجٌ لِأَمْرِ عَبْدِ غَيْرِهِ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ الْبَالِغُ دُونَ الْآمِرِ، لَكِنْ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً، وَكَذَا إنْ أَمَرَ الْأَبُ، أَوْ الْمُعَلِّمُ كَبِيرًا وَكُلُّ هَذَا مِنْ مَشْمُولَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُكَلَّفًا) أَيْ لَا إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا يُقْتَلُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيِّرُ سَيِّدُهُ الْوَارِثَ لَهُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، أَوْ يَدْفَعَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَذَا فِي عبق وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش أَنَّ الصَّغِيرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ النَّقْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ حَاضِرًا لِلْقَتْلِ، وَإِلَّا قُتِلَ أَيْضًا هَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، وَهَذَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخَوْفِ بِالْقَتْلِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ خَوْفَ الْمَأْمُورِ الْمُوجِبَ لِقَتْلِ الْآمِرِ فَقَطْ إنَّمَا هُوَ الْخَوْفُ بِالْقَتْلِ لَا بِشِدَّةِ الْأَذَى وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي خش، فَهُوَ كَالْخَوْفِ الْمُجَوِّزِ لِلْقُدُومِ عَلَى قَذْفِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ، وَالصَّبِيَّ إذَا تَعَمَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَتْلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَتَلَاهُ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ وَاتِّفَاقٍ مِنْهُمَا عَلَى قَتْلِهِ فَلَا قَتْلَ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْمُشَارِكِ لِلصَّبِيِّ فِي الْقَتْلِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ رَمْيِ الصَّبِيِّ هُوَ الْقَاتِلُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ فَإِنَّهُمْ يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ فَيَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَنْ عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا يُقْتَلُ بِهَا وَيَسْتَحِقُّ بِهَا وَاحِدٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، أَوْ الْكَبِيرُ فَعَلَيْهِ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015