مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ (مِنْهَا إنْ نَكَلَ) أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ أَوْ قَالَ لِخَصْمِهِ احْلِفْ أَنْت وَخُذْ (بِخِلَافِ مُدَّعٍ الْتَزَمَهَا) مَعَ شَاهِدٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْتَزَمَهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ (ثُمَّ رَجَعَ) وَقَالَ لَا أَحْلِفُ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَتَحْلِيفُ خَصْمِهِ وَلَا يَكُونُ الْتِزَامُهُ لَهَا مُوجِبًا لِعَدَمِ رُجُوعِهِ

(وَإِنْ) (رُدَّتْ) يَمِينٌ (عَلَيَّ مُدَّعٍ) أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ مُقِيمِ شَاهِدٍ فِي مَالٍ (وَسَكَتَ) مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ (زَمَنًا) لَمْ يَقْضِ الْعُرْفُ بِأَنَّهُ نُكُولٌ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَهُ الْحَلِفُ) وَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ نُكُولًا وَهَذَا مَفْهُومٌ إنْ نَكَلَ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ سَكَتَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ زَمَنًا فَلَهُ الْحَلِفُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ وَأَلْحَقَهَا بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا مَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَفِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَأَجْنَبِيٌّ شَرِيكٌ وَأَقَارِبُ شُرَكَاءُ أَصْهَارُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ) فِي الشَّيْءِ الْمُحَازِ (وَتَصَرُّفُ) الْحِيَازَةِ وَهِيَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ أُمُورِ سُكْنَى أَوْ إسْكَانٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ اسْتِغْلَالٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ قَطْعِ شَجَرٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ وَطْءٍ فِي رَقِيقٍ (ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَإِنْ بَعُدَتْ كَمَنْ عَلَى جُمُعَةٍ فَلَهُ الْقِيَامُ مَتَى قَدِمَ مُطْلَقًا كَالْأَرْبَعَةِ وَثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ أَوْ التَّوْكِيلِ فَإِنْ جُهِلَ أَمْرُهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْقُطُ حَقُّهُ فَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْقَرِيبَةِ كَالْأَرْبَعَةِ مَعَ جَهْلِ الْحَالِ (سَاكِتٌ) عَالِمٌ (بِلَا مَانِعٍ) لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ فَإِنْ نَازَعَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ وَطُلِبَتْ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ وَقَالَ لَا أَحْلِفُ (قَوْلُهُ إنْ نَكَلَ) أَيْ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُدَّعٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِ مَنْ الْتَزَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ وَصُورَةُ الْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقِيلَ لَهُ احْلِفْ مَعَ شَاهِدِك فَرَضِيَ وَالْتَزَمَ بِالْحَلِفِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْحَلِفِ وَقَالَ لِي شَاهِدٌ ثَانٍ أَوْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَصُورَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ وَلَا بَيِّنَةَ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي فَطُلِبَتْ الْيَمِينُ مِنْ عَمْرٍو وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ احْلِفْ وَرَضِيَ بِالْيَمِينِ وَالْتَزَمَهَا ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا وَقَالَ أَنَا لِي بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ أَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَأَنَا أَغْرَمُ لَهُ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ الْيَمِينِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يَكُونُ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُدَّعِي مَعَ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ بِالْيَمِينِ فَأَحْرَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مَعَ الْتِزَامِهِ هُوَ لَهَا (قَوْلُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ) الْأَنْسَبُ فَيُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْ عَنْ الْتِزَامِهِ الْيَمِينَ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ

(قَوْلُهُ وَسَكَتَ زَمَنًا إلَخْ) وَأَوْلَى لَوْ طَلَبُ الْمُهْلَةِ لِيَتَرَوَّى فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا وَالْإِحْجَامِ ثُمَّ طَلَبَ الْحَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ صُوَرِهَا الْجُزْئِيَّةِ وَقَوْلُهُ مَا تُسْمَعُ فِيهِ أَيْ وَهُوَ مَا فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الْحِيَازَةِ كَمَا لَوْ حَازَ مِلْكَ غَيْرِهِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ وَادَّعَى مِلْكَهُ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَادَّعَى الْمِلْكِيَّةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَكَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْحَائِزِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ بِعَارِيَّةٍ أَوْ أَعْمَارٍ أَوْ بِأَنْ هَذَا الْمَحُوزَ حَبْسٌ أَوْ طَرِيقٌ أَوْ مَسْجِدٌ فَالْحِيَازَةُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ لَا تَنْفَعُ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْحِيَازَةِ أَيْ كَمَا لَوْ حَازَ مِلْكَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَادَّعَى مِلْكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةً) أَيْ وَتَرَكَ مِنْهَا ثَلَاثَةً ذَكَرَهَا الشَّارِحُ آخِرَ حِيَازَةِ الْأَقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ وَحِيَازَةِ الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ غَيْرُ شَرِيكٍ) أَيْ لِلْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ وَتُصْرَفُ أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَيُزَادُ عَلَيْهَا التَّدْبِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ كَثِيرِينَ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ لَا لَهُ أَوْ كَانَا يَسِيرَيْنِ عُرْفًا (قَوْلُهُ بِالْبَلَدِ) أَيْ مَعَ الْحَائِزِ (قَوْلُهُ كَمَنْ عَلَى جُمُعَةٍ) أَيْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَهُ الْقِيَامُ مَتَى قَدِمَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَهِلَ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَنَعَهُ مِنْ الْقُدُومِ عُذْرٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَاخْتِلَافُهُمَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ إنَّمَا هُوَ إذَا عَلِمَ بِأَنَّ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا حِيَازَةَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْحَاضِرُ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْقَرِيبِ الْغَيْبَةِ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ عِلْمُهُ وَفِي الْحَاضِرِ يُحْمَلُ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ عَالِمٌ) أَيْ بِالتَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ فَلَهُ الْقِيَامُ وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَازَعَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ نَازَعَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ الْحَائِزَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَهَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ سَاكِتٌ وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ إلَخْ مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ بِلَا مَانِعٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ سُقُوطِ حَقِّ الْمُدَّعِي إذَا نَازَعَ وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الْعَشْرِ سِنِينَ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ لَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا اهـ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015