(أَوْجَبَهُ قَبْلَ) وَقْتِ (الزِّنَا) الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ رَجْمُهُ نُقِضَ الْحُكْمُ فَلَا يُرْجَمُ وَإِلَّا فَالْغُرْمُ كَمَا يَأْتِي (لَا رُجُوعُهُمْ) عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يُنْقَضُ لَهُ الْحُكْمُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَكَذَا قَبْلَهُ فِي الْمَالِ قَطْعًا وَفِي الدَّمِ قَوْلَانِ

(وَغَرِمَا) إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (مَالًا) أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَوْ قَالَا غَلِطْنَا لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (وَدِيَةً) إذَا شَهِدَا بِقَتْلٍ

(وَلَوْ) (تَعَمَّدَا) الزُّورَ فِي شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّهُمَا قَتَلَا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَيَجُوزُ قِرَاءَةُ تَعَمَّدَا فِعْلًا مَاضِيًا وَمَصْدَرًا مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوجَعَانِ ضَرْبًا وَيُطَالُ سَجْنُهُمَا وَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِمَا

(وَ) لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ اخْتَصَّ شُهُودُ الزِّنَا بِالْغُرْمِ (لَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ فِي الْغُرْمِ) أَيْ غُرْمِ الدِّيَةِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مُنْفَرِدَةٌ لَمَّا كَانَتْ لَا تُوجِبُ حَدًّا صَارَتْ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا (كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي) عَنْ تَزْكِيَتِهِ لَا يُوجِبُ الْغُرْمَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْغُرْمُ عَلَى الشَّاهِدِ إنْ رَجَعَ (وَأُدِّبَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ (فِي كَقَذْفٍ) شَهِدَا بِهِ وَحُدَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَدَخَلَ بِالْكَافِ الشَّتْمُ وَاللَّطْمُ وَضَرْبُ السَّوْطِ

(وَحُدَّ شُهُودُ الزِّنَا) الرَّاجِعُونَ حَدَّ الْقَذْفِ (مُطْلَقًا) أَيْ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ بِجَلْدٍ أَوْ رَجْمٍ مَعَ الْغُرْمِ فِي الرَّجْمِ كَمَا مَرَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْجَبَهُ) أَيْ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَثَبَتَ قَبْلَ الرَّجْمِ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ قَبْلَ الزِّنَا الَّذِي شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ بِرَجْمِهِ وَلَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ إذْ لَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا بِالزِّنَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْغُرْمُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رُجِمَ فَالْغُرْمُ (قَوْلُهُ لَا رُجُوعُهُمْ) أَيْ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِرُجُوعِهِمْ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدُهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي نَقْضُ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي عِتْقٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْعِتْقِ وَالدَّيْنِ وَالْعَقْلِ فِي الْقِصَاصِ فِي أَمْوَالِهِمَا اهـ فَظَاهِرُهُ كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إذَا كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَرِمَا مَا لَا يَشْمَلُ مَا إذَا شَهِدَا بِوَفَاءِ حَقٍّ لِمُسْتَحِقِّهِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَا لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَإِنْ أَعْدَمَا فَهَلْ يَرْجِعُ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ عَلَى مَنْ شَهِدَا لَهُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَيْهِ إنْ غَرِمَا فِي مُلَائِهِمَا أَوْ لَا يَرْجِعُ بَلْ يَنْتَظِرُ يُسْرَهُمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ الزُّورَ) الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَدِيَةً فَقَطْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ إذْ الْعَمْدُ فِي الْمَالِ أَحْرَى بِالْغُرْمِ فَلَا يُبَالَغُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا بِالْغُرْمِ وَعَدَمِهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيهِ مِنْ الْغُرْمِ خِلَافُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ وَهِمْنَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَلَا يُسْتَوْفَى لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى تَغْرِيمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ وَإِنَّمَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُنْقَضُ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ الْمَالَ وَالدِّيَةَ اتِّفَاقًا وَلَا يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي الْمَالِ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ اتِّفَاقًا وَيَغْرَمَانِ الْمَالَ الَّذِي رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِهِ وَفِي الدَّمِ قِيلَ إنَّهُ يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا غُرْمَ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقِيلَ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَمَّدَا الزُّورَ ابْتِدَاءً أَمْ لَا وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدَا الزُّورَ وَيُقْتَصَّ مِنْهُمَا إنْ تَعَمَّدَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ

(قَوْلُهُ وَلَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ) الضَّمِيرُ الْمَفْعُولُ فِي يُشَارِكُهُمْ يَعُودُ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا الْمَفْهُومِينَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْجَبَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ لِتَوَقُّفِ الرَّجْمِ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ السِّتَّةُ يَسْتَوُونَ فِي الْغُرْمِ أَوْ عَلَى شَاهِدِي الْإِحْصَانِ نِصْفُهَا لِأَنَّ الشُّهُودَ نَوْعَانِ فَيَكُونُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ نِصْفُهَا قَوْلَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا) أَيْ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ مُنْفَرِدَةٌ تُوجِبُ حَدَّ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي) أَيْ لِلْأَرْبَعَةِ مَعَ رُجُوعِهِمْ أَيْضًا بَعْدَ الرَّجْمِ فَلَا يُشَارِكُهُمْ الْمُزَكِّي فِي الْغُرْمِ بَلْ يَخْتَصُّونَ بِهِ دُونَهُ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِ بِالزِّنَا وَإِنْ تَوَقَّفَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى تَزْكِيَتِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِي رُجُوعَ الْمُزَكِّي خِلَافَ أَشْهَبَ الْمَذْكُورِ فِي شُهُودِ الْإِحْصَانِ وَلَعَلَّهُ يَتَخَرَّجُ هُنَا بِالْأَحْرَى مِنْ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ دُونَ الْمُزَكِّي بِخِلَافِ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا الْجَلْدُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِالْكِتَابِ الشَّتْمُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانًا شَتَمَ فُلَانًا أَوْ لَطَمَهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِكَفِّهِ أَوْ بِالسَّوْطِ وَعُزِّرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015