(وَإِنْ بِالْمَجْلِسِ) وَلَوْ اتَّحَدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَا بِالْمُكَافَأَةِ
(وَ) بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْقَافِلَةِ (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي حِرَابَةٍ) عَلَى مَنْ حَارَبَهُمْ فَتَجُوزُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِلْعَدَاوَةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَسَوَاءٌ شَهِدُوا لِصَاحِبِهِمْ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
(لَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ (الْمَجْلُوبِينَ) بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى غَيْرِهِمْ أَيْ أَجْنَبِيٍّ (إلَّا) أَنْ يَكْثُرَ الشُّهُودُ مِنْهُمْ (كَعِشْرِينَ) مِنْهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ حَيْثُ كَانُوا عُدُولًا وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ فَيَكْفِي شَاهِدَانِ وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلُوبِينَ قَوْمٌ مِنْ الْجُنْدِ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ حِرَاسَةِ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعُلِّلَ الْمَنْعُ بِحَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ وَلَعَلَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْقُرُونِ الْأُولَى وَأَمَّا الْمُشَاهَدُ فِيهِمْ الْآنَ فَحَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ وَشِدَّةُ التَّعَصُّبِ عَلَى أُمَّةِ خَيْرِ الْبَرِّيَّةِ قَاسِيَةٌ لِقُلُوبِهِمْ فَاشِيَةٌ عُيُوبَهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَحْوُ الْأَخِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ بِالْمَجْلِسِ) أَيْ هَذَا إذَا شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِمَجْلِسٍ غَيْرِ مَجْلِسِ الْآخَرِ بَلْ وَإِنْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ اتَّحَدَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُتَعَدِّدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا
(قَوْلُهُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ) هُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ الْقَافِلَةِ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ أَيْ بَعْضُهُمْ يَشْهَدُ فِي حِرَابَةٍ لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ فَتَجُوزُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ عُدُولًا فَشَهَادَةُ الْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْحِرَابَةِ مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِ الشُّهُودِ عُدُولًا كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا لِأَنَّ سِيَاقَهُ فِيمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ خِلَافًا لتت، وَأَمَّا شَهَادَةُ الْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَنَقَلَ الْمَوَّاقُ وَمِنْ رِوَايَةِ الْأَخَوَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ إجَازَتَهَا لِلضَّرُورَةِ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ مُحَقَّقَتَيْنِ لَكِنْ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَحْدَهُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ اهـ بْن
(قَوْلُهُ لَا الْمَجْلُوبِينَ) قَالَ طفى قَدْ عَمَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ فِي عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْمَجْلُوبِينَ أَيْ سَوَاءٌ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ وَعَلَى ذَلِكَ قَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْحِصْنِ يُفْتَحُ فَيُسَلَّمُ أَهْلُهُ فَيَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِأَنْسَابِهِمْ كَمَا كَانَتْ الْعَرَبُ حِينَ أَسْلَمَتْ وَأَمَّا الْعَدَدُ الْقَلِيلُ مِنْ الْكُفَّارِ يُحْمَلُونَ إلَيْنَا فَيُسْلِمُونَ فَهَؤُلَاءِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ تُجَّارٍ أَوْ أَسَارَى كَانُوا عِنْدَهُمْ فَيَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْعِشْرُونَ عَدَدٌ كَثِيرٌ اهـ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ.
فَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَدَدُ الْقَلِيلُ إلَخْ هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَجْلُوبِينَ أَيْ فَمُرَادُهُ بِهِمْ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ الْكُفَّارِ مُتَرَافِقِينَ إلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ سَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِمْ الِاسْتِرْقَاقُ ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ الْإِمَامُ أَمْ لَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي التَّوَارُثِ بِالنَّسَبِ وَعَلَى ذَلِكَ قَصَرَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْعِشْرِينَ أَمْ لَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَثُرُوا لَا يُنْظَرُ إلَى عَدَالَتِهِمْ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِخَبَرِهِمْ وَلَوْ وُجِدَتْ الْعَدَالَةُ لَكَفَى اثْنَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعِشْرِينَ كُلَّهُمْ شُهُودٌ وَهُوَ كَذَلِكَ اُنْظُرْ بْن إذَا عَلِمْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَدْ قُرِّرَ بِتَقْرِيرَيْنِ فَقَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَجْلُوبِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ لِيَتَوَارَثُوا إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الشُّهُودُ مِنْهُمْ كَعِشْرِينَ فَإِنْ كَثُرَ الشُّهُودُ جَازَتْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلُوبِينَ الْقَوْمُ مِنْ كُفَّارٍ يَأْتُونَ لِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَقَرَّرَهُ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ بِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ.
وَحَاصِلُهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَجْلُوبِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا بِمَالٍ وَلَا بِقَذْفٍ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الشُّهُودُ مِنْهُمْ كَعِشْرِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ وَفَسَّرُوا الْمَجْلُوبِينَ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ لِحِرَاسَةِ قَرْيَةٍ أَوْ قُطْرٍ أَوْ الْقَوْمِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بِلَادِهِمْ مُتَرَافِقِينَ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ كَفَى الشَّاهِدَانِ إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ صَحِيحٌ.
(قَوْلُهُ كَعِشْرِينَ) قَالَ عبق وَانْظُرْ لَوْ شَهِدَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ وَحَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ فِي الْمَالِ أَوْ لَا وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانُوا عُدُولًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْعِشْرُونَ عُدُولًا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ تَشْدِيدًا عَلَيْهِمْ كَمَا فِي المج وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَثُرُوا لَا يُنْظَرُ لِعَدَالَتِهِمْ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ التَّعْلِيلُ بِوُجُودِ الْحَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ فِيهِمْ الْمَجَامِعُ لِوُجُودِ الْعَدَالَةِ بِاعْتِبَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُشَاهَدُ فِيهِمْ الْآنَ فَحَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا عَدَالَةَ فِيهِمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِبَعْضِهِمْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ