وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى.
(وَلَا ضَمَانَ عَلَى) مُلْتَقِطٍ (دَافِعٍ) لَهَا (بِوَصْفٍ) أَيْ بِسَبَبِ وَصْفِهَا وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) بِأَنَّهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَهَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ بَيْنَ الْمُدَّعِي الثَّانِي وَالْآخِذِ لَهَا وَيَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مَا مَرَّ.
(وَاسْتُؤْنِيَ بِالْوَاحِدَةِ) أَيْ يَجِبُ التَّرَبُّصُ وَعَدَمُ الدَّفْعِ لِمَنْ أَتَى بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْعِفَاصِ، أَوْ الْوِكَاءِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (إنْ جَهِلَ) مَنْ ذَكَرَ الصِّفَةَ الْوَاحِدَةَ (غَيْرَهَا) لَعَلَّ غَيْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَثْبَتَ مِمَّا وَصَفَهَا هُوَ بِهِ فَيَأْخُذَهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ، أَوْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَصْلًا اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ (لَا) إنْ (غَلَطَ) بِأَنْ ذَكَرَ الْعِفَاصَ، أَوْ الْوِكَاءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَطَ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ أَصْلًا (عَلَى الْأَظْهَرِ) لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ بِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي أَوْ نَسِيتُهُ.
(وَلَمْ يَضُرَّ) أَيْ لَا يَضُرُّ مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءِ، أَوْ أَحَدَهُمَا (جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ عَدَدِ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا بَقِيَ،.
ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الِالْتِقَاطِ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمَعْصُومِ الَّذِي عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ (لِخَوْفِ خَائِنٍ) لَوْ تَرَكَهُ مَعَ عِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ لِوُجُوبِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ حِينَئِذٍ (لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَ فَيَحْرُمُ) أَخْذُهُ وَلَوْ خَافَ خَائِنًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ خَائِنًا (كُرِهَ) وَلَوْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ كَأَنْ خَافَ الْخَائِنَ وَشَكَّ فِي أَمَانَتِهِ هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ شَيْخُنَا لَمْ يُؤَرِّخَا السُّقُوطَ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِمَا كَتَبَهُ شَيْخُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى) أَيْ إنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنَّ اللُّقَطَةَ تَكُونُ لِصَاحِبِ الْمُؤَرِّخَةِ، هَذَا إذَا تَكَافَأَتَا فِي الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، أَوْ كَانَتْ الْمُؤَرِّخَةُ أَعْدَلَ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ الَّتِي لَمْ تُؤَرِّخْ أَعْدَلَ؛ لِأَنَّ ذَاتَ التَّارِيخِ تُقَدَّمُ عَلَى الزَّائِدَةِ فِي الْعَدَالَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، كَذَا قَرَّرَهُ عج.
(قَوْلُهُ: بِوَصْفٍ) أَيْ بِجِنْسِ وَصْفِ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي لَهَا بَعْدَ أَخْذِهَا وَصَفَهَا وَصْفًا تُؤْخَذُ بِهِ بَلْ وَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ وَصْفِ الثَّانِي وَصْفَ أَوَّلٍ وَلَمْ يَبِنْ بِهَا، أَوْ بَانَ وَمِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا.
. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الدَّفْعِ) أَيْ عَاجِلًا. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ غَيْرَهَا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ بِأَنْ قَالَ حِينَ السُّؤَالِ عَنْهُ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، أَوْ قَالَ كُنْت أَعْلَمُهُ وَنَسِيتُهُ وَلَا يُعَارِضُ الِاسْتِينَاءَ مَا مَرَّ عَنْ أَصْبَغَ مِنْ دَفْعِهَا لِوَاصِفِ الْعِفَاصِ دُونَ مَنْ عَرَفَ الْوَزْنَ وَالْعَدَدَ؛ لِأَنَّ دَفْعَهَا لَهُ لَا يُنَافِي الِاسْتِينَاءَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ وَصْفُ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَأَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ غَلَطَ) أَيْ إنَّهُ إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَغَلِطَ فِي الْوِكَاءِ بِأَنْ قَالَ الْوِكَاءُ كَذَا فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، أَوْ عَرَفَ الْوِكَاءَ وَغَلِطَ فِي الْعِفَاصِ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا وَغَلِطَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ كَأَنْ قَالَ بَنَادِقَةٌ فَإِذَا هِيَ مَحَابِيبُ، أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ قَالَ هِيَ يَزِيدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ مُحَمَّدِيَّةٌ، أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهَا لَا تُدْفَعُ لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ غَلَطُهُ وَإِخْبَارُهُ بِزِيَادَةٍ لِاحْتِمَالِ الِاغْتِيَالِ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَمَّا غَلَطُهُ وَإِخْبَارُهُ بِنَقْصٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ تُدْفَعُ لَهُ لِاحْتِمَالِ عُذْرِهِ بِسَهْوٍ مَثَلًا وَقِيلَ لَا تُدْفَعُ لَهُ لِبُعْدِ احْتِمَالِ أَنَّ أَحَدًا زَادَهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَقَلَّ مِنْ عَدَدِهَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ مَا إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَكِنْ جَهِلَ صِفَةَ الدَّنَانِيرِ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ هِيَ مَحَابِيبُ، أَوْ بَنَادِقَةٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا إلَّا السِّكَّةَ بِأَنْ قَالَ هِيَ مُحَمَّدِيَّةٌ أَوْ يَزِيدِيَّةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عِفَاصَهَا وَلَا وِكَاءَهَا وَلَا وَزْنَهَا وَلَا عَدَدَهَا فَقِيلَ لَا تُعْطَى لَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ يَحْيَى تُعْطَى لَهُ إذَا عَرَفَ السِّكَّةَ وَعَرَفَ نَقْصَ الدَّنَانِيرِ إنْ كَانَ فِيهَا نَقْصٌ وَأَصَابَ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) الْحَقُّ كَمَا قَالَ بْن أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى تَقْيِيدِ هَذَا بِعِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ " إدْرَاجُ الشَّكِّ فِيمَا قَبْلَهُ وَإِدْرَاجُ الشَّكِّ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَخْذُ بِشَرْطَيْنِ: إنْ خَافَ الْخَائِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ خِيَانَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ الْأَخْذُ خَافَ الْخَائِنَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ كُرِهَ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا فَالْوُجُوبُ فِي صُورَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْحُرْمَةُ وَكَذَلِكَ الْكَرَاهَةُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا بَلْ وَلَوْ خَافَ خَائِنًا فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَذَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا إنَّ حُرْمَةَ أَخْذِهِ إذَا عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَخَفْ خَائِنًا ظَاهِرَةٌ وَأَمَّا إذَا خَافَ خَائِنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَلَا تَكُونَ خِيَانَةُ نَفْسِهِ عُذْرًا مُسْقِطًا عَنْهُ وُجُوبَ حِفْظِهَا مِنْ الْخَائِنِ وَاسْتَظْهَرَ بَحْثَهُ الْحَطَّابُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وُجُوبُ الْأَخْذِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: مَا إذَا خَافَ الْخَائِنَ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا، أَوْ عَلِمَ خِيَانَتَهَا