كَإِنْ مَلَكْتُ دَارَ فُلَانٍ فَهِيَ وَقْفٌ، أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا شَائِعًا فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا الْوَاقِفُ إنْ أَرَادَهَا الشَّرِيكُ وَأَمَّا مَا لَا يَقْبَلُهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَرَادَ شَرِيكُهُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ وَأَرَادَ بِالْمَمْلُوكِ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الذَّاتِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَا قَالَ (وَإِنْ) كَانَ الْمِلْكُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِمَمْلُوكٍ (بِأُجْرَةٍ) لِكَدَارٍ اسْتَأْجَرَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَلَهُ وَقْفُ مَنْفَعَتِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيَنْقَضِي الْوَقْفُ بِانْقِضَائِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْبِيدُ كَمَا سَيَأْتِي وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِأُجْرَةٍ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُحَبَّسَةً مُدَّةً فَلَهُ تَحْبِيسُ مَنْفَعَتِهَا عَلَى مُسْتَحِقٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ الْأَوَّلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَمَّا الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْبِيسُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُحَبَّسُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَمْلُوكُ (حَيَوَانًا وَرَقِيقًا) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَيْ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَلْزَمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقْفٌ مَصْدَرُ وَقَفَ مُجَرَّدًا بِالْهَمْزَةِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ إلَّا فِي أَوْقَفْت عَنْ كَذَا بِمَعْنَى أَقْلَعْت عَنْهُ وَأَوْقَفْته عَنْ كَذَا بِمَعْنَى مَنَعْته مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: كَإِنْ مَلَكْتُ إلَخْ) مِنْ ذَلِكَ مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الشَّيْخَ زَيْنَ الْجِيزِيِّ أَفْتَى بِأَنَّ مَنْ الْتَزَمَ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ وَقْفٌ، ثُمَّ بَنَى فِيهِ فَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ وَقْفٍ لِذَلِكَ وَكَتَبَ الشَّيْخُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق مَا نَصُّهُ رَأَيْت بِخَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ النَّفْرَاوِيِّ شَارِحِ الرِّسَالَةِ بِطُرَّةِ عج وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ فِي التَّعْلِيقِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُعَلَّقِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، أَوْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ وَكُلُّ مَا تَجَدَّدَ لِي مِنْ عَقَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَدَخَلَ فِي مِلْكِي فَهُوَ مُلْحَقٌ بِوَقْفِي هَذَا مَا حَرَّرَهُ اهـ وَأَقُولُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الرَّصَّاعِ فِي شَرْحِ الْحُدُودِ أَنَّهُ إذَا عَمَّ التَّعْلِيقُ فَإِنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ لِلتَّحْجِيرِ كَالطَّلَاقِ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " مَمْلُوكٍ " أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا فِي التَّعْلِيقِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ كَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقْفٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا) أَيْ أَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ جُزْءًا مُشْتَرَكًا شَائِعًا. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ إلَخْ) لَا يُقَالُ: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّا نَقُولُ الرَّاجِحُ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ فَيُقَالُ الْمَمْنُوعُ بَيْعُهُ مِنْ الْوَقْفِ مَا كَانَ مُعَيَّنًا لَا الْمَعْرُوضُ لِلْقَسْمِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ فِي بَيْعِهِ لِمَنْ يُحَبِّسُهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ) أَيْ فَفِي صِحَّتِهِ وَعَدَمِهَا قَوْلَانِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ) أَيْ وَهُوَ يُجْبَرُ عَلَى جَعْلِ الثَّمَنِ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ، أَوْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلَانِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ بِثَمَنٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ بِأُجْرَةٍ فَإِنْ قُلْت إنَّ وَقْفَ السَّلَاطِينِ عَلَى الْخَيْرَاتِ صَحِيحٌ مَعَ عَدَمِ مِلْكِهِمْ لِمَا حَبَسُوهُ قُلْت هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْوَاقِفِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ صِحَّةِ تَحْبِيسِهِمْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ لَكِنْ تَأَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى مَا إذَا حَبَّسَ الْمَمْلُوكُ مُعْتَقِدِينَ فِيهِ أَنَّهُمْ وُكَلَاءُ الْمُلَّاكِ فَإِنْ حَبَسُوهُ مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ بَطَلَ تَحْبِيسُهُمْ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَاحْتَرَزَ بِمَمْلُوكٍ مِنْ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ لِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَصَحِيحٌ لِخُرُوجِهِ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ هِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَمَا فِي خش وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْهِبَةِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ وَقْفَ الْفُضُولِيِّ وَهِبَتَهُ وَصَدَقَتَهُ وَعِتْقَهُ كَبَيْعِهِ إنْ أَمْضَاهُ الْمَالِكُ مَضَى، وَإِلَّا رُدَّ وَاخْتَارَ ذَلِكَ الْقَوْلَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا أَجَازَ فِعْلَهُ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي الْحَقِيقَةِ صَادِرًا مِنْهُ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ أَيْ صَحَّ صِحَّةً تَامَّةً فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّ صِحَّتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ إجَازَةُ الْمَالِكِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْهِبَةِ وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُحَبَّسَةً مُدَّةً فَلَهُ تَحْبِيسُ مَنْفَعَتِهَا) أَيْ فَمَنْفَعَتُهَا فِي جُمْلَةِ الْمَمْلُوكِ بِأُجْرَةٍ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَمْلُوكِ بِأُجْرَةٍ مَنْفَعَةُ الْخُلُوِّ فَيَجُوزُ وَقْفُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَحْمَدُ السَّنْهُورِيُّ شَيْخُ عج وَعَلَيْهِ عَمَلُ مِصْرَ وَهُوَ مُقْتَضَى فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ بِجِوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ الدَّيْنَ، وَإِرْثَهُ وَرُجُوعَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا وَارِثَ إذْ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ تَحْبِيسُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُحَبَّسُ أَيْ لَا يَصِحُّ تَحْبِيسُهُ مِمَّنْ كَانَ مُحَبَّسًا عَلَيْهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِذَاتِهِ وَلَا لِمَنْفَعَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ تَحْبِيسِهِ لِمَنْ مَلَكَ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ حَيَوَانًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ مَنْعِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُعَقَّبِ، أَوْ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَمَّا تَحْبِيسُ ذَلِكَ لِيُوضَعَ بِعَيْنِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِتُصْرَفَ غَلَّتُهُ فِي إصْلَاحِ الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَنَافِعِ الْمَسَاجِدِ، أَوْ لِتُفَرَّقَ غَلَّتُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015