فَالْمُرَادُ مَدِينَةُ الْقَيْرَوَانِ أَيْ الْمَدِينَةُ الْمَعْلُومَةُ، وَهِيَ أَبْعَدُ مِنْ بَرْقَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَبْدَأَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ كَمِصْرِ (حَلَفَا) وَبَدَأَ الْجَمَّالُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ (وَفَسَخَ) بِالْحُكْمِ أَوْ التَّرَاضِي (إنْ عُدِمَ السَّيْرُ) مِنْ أَصْلِهِ (أَوْ قَلَّ) بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْجَمَّالِ فِي رُجُوعِهِ، وَلَا عَلَى رَبِّ الْأَحْمَالِ فِي طَرْحِهَا (وَإِنْ نَقَدَ) مُبَالَغَةً فِي التَّخَالُفِ وَالْفَسْخِ، وَلَا يَنْظُرُ فِي هَذِهِ لِشَبَهٍ، وَلَا عَدَمِهِ بِدَلِيلِ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَفْصِيلِهِ فِي الْآتِيَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ أَوْ بُلُوغِ الْغَايَةِ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ (فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ) فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ فَقَطْ وَحَلَفَ، وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ نُقِدَ الْكِرَاءُ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي، وَيُفْسَخُ الْبَاقِي.
وَالْمُصَنِّفُ، وَإِنْ شَمِلَ بِمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ شِبْهَهُمَا مَعًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا فَاتَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْبَائِعُ أَمْ لَا، وَلَيْسَ الْمُكْتَرِي كَذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُكْرِي) ، وَهُوَ الْجَمَّالُ إذَا اخْتَلَفَا (فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ) بِأَنْ قَالَ لِبَرْقَةَ وَقَالَ الْمُكْتَرِي بَلْ لِإِفْرِيقِيَّةَ (إنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ: فَقَطْ) دُونَ الْمُكْتَرِي انْتَقَدَ أَمْ لَا (أَوْ أَشْبَهَا) مَعًا (وَانْتَقَدَ) الْمُكْرِي الْكِرَاءَ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ (وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي) عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ) الْمُكْتَرِي مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَافَةِ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الْجَمَّالُ أَيْضًا (عَلَى مَا ادَّعَى) بَعْدَ حَلِفِ الْمُكْتَرِي (فَلَهُ) أَيْ الْجَمَّالِ (حِصَّةُ الْمَسَافَةِ) الَّتِي ادَّعَاهَا، وَهِيَ بَرْقَةُ الْقَرِيبَةُ (عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي) أَنَّ الْمِائَةَ لِإِفْرِيقِيَّةَ (وَفَسَخَ الْبَاقِيَ) بَعْدَ بَرْقَةَ فَيُقَالُ مَا تُسَاوِي حِصَّةُ بَرْقَةَ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِالْمِائَةِ فَإِنْ قِيلَ النِّصْفُ مَثَلًا أُعْطِيَ لِلْجَمَّالِ (وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا) وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ أَوْ بُلُوغِ بَرْقَةَ (حَلَفَا، وَفَسَخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.
وَأَشَارَ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَسَافَةِ وَالْأُجْرَةِ مَعًا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (قَالَ) الْجَمَّالُ لِلْمُكْتَرِي (أَكْرَيْتُك لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَبَلَغَاهَا) أَوْ سَارَا كَثِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغَاهَا (وَقَالَ) الْمُكْتَرِي (بَلْ لِمَكَّةَ) الْأَبْعَدِ (بِأَقَلَّ) كَخَمْسِينَ (فَإِنْ نَقَدَهُ) الْمُكْتَرِي الْأَقَلَّ (فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ) أَيْ مَعَ شِبْهِ الْمُكْتَرِي أَيْضًا كَمَا قَيَّدَهَا بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَيَدُلُّ لَهُ ذِكْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ شِبْهَ الْجَمَّالِ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ: (وَحَلَفَا) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَعُمِلَ بِقَوْلِ الْجَمَّالِ حِينَئِذٍ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِهَا مَدِينَةُ الْقَيْرَوَانِ) أَيْ لَا الْإِقْلِيمُ الَّتِي هِيَ مَدِينَتُهُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَائِعٌ أَيْ لِمَنْفَعَةِ جِمَالِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عُدِمَ السَّيْرُ أَوْ قَلَّ) فِيهِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَرَامِهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ عُدِمَ، وَأَوْ وَيَقُولَ إنْ قَلَّ السَّيْرُ لِاسْتِفَادَةِ حُكْمِ مَا إذَا عُدِمَ السَّيْرُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَلَّ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ قَلَّ لَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ السَّيْرِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِدُونِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: مُبَالَغَةً إلَخْ) رَدَّ الْمُصَنِّفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْجَمَّالِ إذَا أَشْبَهَ وَانْتَقَدَ. اهـ شب. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي إذَا انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ وَحَلَفَ نَقَدَ أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُكْرِي بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ انْتَقَدَ أَمْ لَا، وَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَإِنْ حَصَلَ انْتِقَادٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْرِي، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي إنْ حَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا، وَفُسِخَ وَقَضَى بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ) أَيْ مِنْ السَّيْرِ لِإِفْرِيقِيَّةَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ادَّعَاهُ) أَيْ، وَهُوَ أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ بَرْقَةُ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ حُصُولِ الِانْتِقَادِ وَعَدَمِهِ إذَا أَشْبَهَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ تَامٍّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِ الْمُكْتَرِي مَشْرُوطٌ بِحَلِفِهِ وَانْفِرَادِهِ بِالشَّبَهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي عِنْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ مَشْرُوطٌ بِحَلِفِهِ وَشِبْهِهِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْبَائِعُ أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُكْتَرِي كَذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا إذَا انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، وَأَمَّا إذَا أَشْبَهَا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلِلْمُكْرِي) أَيْ وَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ دُونَ الْأُجْرَةِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الْجَمَّالَ إلَخْ) الْجَمَّالَ مَفْعُولُ لَزِمَ مُقَدَّمًا، وَمَا قَالَ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ أَيْضًا عَلَى مَا ادَّعَى) أَيْ مِنْ أَنَّ غَايَةَ الْمَسَافَةِ بَرْقَةُ فَلَا يَلْزَمُ تَبْلِيغَهُ لِإِفْرِيقِيَّةَ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَسَخَ الْبَاقِي بَعْدَ بَرْقَةَ) أَيْ أَوْ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفَسَخَ الْبَاقِي أَنَّهُ بَعْدَ السَّيْرِ يَفْسَخُ قَبْلَ بُلُوغِ الْغَايَةِ الْأُولَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ يُوَصِّلُهُ لِبَرْقَةَ نَظِيرَ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْمَدِينَةِ، وَمَكَّةَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ) أَيْ مِنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَسَافَةِ فَقَطْ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَلَغَاهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا بَلَغَاهَا أَيْ قَبْلَ مَكَّةَ كَمِصْرِيٍّ سَافَرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَدْرٍ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَلَغَاهَا أَوْ سَارَا كَثِيرًا إلَى أَنَّ مَحَلَّ التَّفْصِيلِ الْآتِي إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ أَوْ بَعْدَ بُلُوغِ الْمَدِينَةِ، وَأَمَّا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ يَسِيرٍ فَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ) أَيْ فِي أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إلَى الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ شِبْهِ الْمُكْتَرِي) أَيْ الْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ إذَا حَصَلَ شِبْهٌ مِنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ) أَيْ بِسَبَبِ انْتِقَادِهِ مِنْ