فَسَيَأْتِي أَنَّهُ جَائِزٌ.

(وَكِرَاءِ أَرْضٍ) صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ (بِطَعَامٍ) سَوَاءٌ أَنْبَتَتْهُ كَالْقَمْحِ أَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ مَعَ التَّفَاضُلِ وَالْغَرَرِ وَالْمُزَابَنَةِ، وَأَمَّا بَيْعُهَا بِهِ فَيَجُوزُ (أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ) غَيْرَ طَعَامٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَعُصْفُرٍ وَزَعْفَرَانٍ وَتِينٍ، وَأَمَّا كِرَاءُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ بِالطَّعَامِ فَجَائِزٌ إجْمَاعًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مَا تُنْبِتُهُ (كَخَشَبٍ) وَحَطَبٍ وَقَصَبٍ فَارِسِيٍّ وَعُودٍ هِنْدِيٍّ وَصَنْدَلٍ مِنْ كُلِّ مَا يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا حَتَّى يُعَدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا فَيَجُوزُ.

(وَ) فَسَدَتْ إجَارَةٌ عَلَى (حَمْلِ طَعَامٍ) مَثَلًا (لِبَلَدٍ) بَعِيدٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ (بِنِصْفِهِ) مَثَلًا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنْ وَقَعَ فَأَجْرُ مِثْلِهِ، وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ (إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ) أَيْ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ (الْآنَ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ بِالْفِعْلِ لِعُرْفٍ أَوْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ الْآنَ، وَلَوْ لَمْ يُقْبَضْ بِالْفِعْلِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَفْرَادِ الْإِجَارَةِ بِمُعَيَّنٍ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ وَقَعَتْ، وَالْعُرْفُ التَّعْجِيلُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَسَدَتْ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ، وَإِلَّا فَسَدَتْ وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (وَكَإِنْ) أَيْ وَكَقَوْلِهِ إنْ (خِطْتَهُ الْيَوْمَ) مَثَلًا فَهُوَ (بِكَذَا) مِنْ الْأَجْرِ كَعَشَرَةٍ (وَإِلَّا) تَخِطْهُ الْيَوْمَ بَلْ أَزْيَدَ (فَبِكَذَا) أَيْ بِأَجْرٍ أَقَلَّ كَثَمَانِيَةٍ فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ وَقَعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَوْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي أَكْثَرَ (وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي) ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ، وَلَا غَيْرِهِ (فَمَا حَصَلَ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (فَلَكَ نِصْفُهُ) مَثَلًا فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مَغِيبٌ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ وَكَيْفَ يَخْرُجُ.

(قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي أَنَّهُ جَائِزٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ، وَهُوَ مَرْئِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَكِرَاءِ أَرْضٍ) أَيْ، وَفَسَدَ كِرَاءُ أَرْضٍ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ إذَا أُكْرِيَتْ لِلزِّرَاعَةِ أَمَّا إذَا أُكْرِيَتْ بِمَا ذَكَرَهُ لِبِنَاءٍ أَوْ جَرِينٍ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تُزْرَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ مِنْ الْمَنْعِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ) كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَكَذَلِكَ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ وَالْحَيَوَانُ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا لِلذَّبْحِ كَخَصِيِّ الْمَعْزِ وَالسَّمَكِ وَطَيْرِ الْمَاءِ وَالشَّاةِ اللَّبُونِ، وَأَمَّا شَاةٌ لَا لَبَنَ فِيهَا فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِهَا، وَلَوْ حَصَلَ فِيهَا لَبَنٌ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَجَوَازِهَا بِالْمَاءِ، وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ وَبِتَوَابِلِ الطَّعَامِ كَالْفُلْفُلِ وَالْمُصْطَكَا عِنْدَ مَنْ لَا يَجْعَلُهَا مِنْ تَوَابِعِ الطَّعَامِ لَا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهَا مِنْ تَوَابِعِهِ كَالْمِلْحِ فَيُمْنَعُ (قَوْلُهُ: مَعَ التَّفَاضُلِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ الْمُؤَجَّرُ بِهِ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ وَقَوْلُهُ: وَالْغَرَرِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَخْرُجَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ قَدْرُ مَا أُكْرِيَ بِهِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ أَيْضًا قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ الْمُسْتَأْجَرُ بِهِ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ: وَالْمُزَابَنَةِ) أَيْ حَيْثُ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعْلُومًا وَهُوَ الْأَرْضُ بِمَجْهُولٍ، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ) أَيْ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَنْبَتَ، وَإِنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ كَالْقَمْحِ، وَمَا مَاثَلَهُ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْبِرْسِيمِ وَكَالْقُطْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ، وَأَمَّا مَا لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ بَلْ شَأْنُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهِ وَذَلِكَ كَالْحَلْفَاءِ وَالْحَشِيشِ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ فِيهِ وَلَوْ كَانَ طَعَامًا لِلدَّوَابِّ وَكَسَمَرِ حَصِيرٍ، وَلَوْ اسْتُنِبْتَ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ مِثْلُهُ مِثْلُ الْحَشِيشِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ فِي جَوَازِ الْكِرَاءِ بِهِ، وَلَوْ اسْتُنِبْتَ (قَوْلُهُ: كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ) الْمُرَادُ بِهِمَا شَعْرُهُمَا، وَأَمَّا ثِيَابُهُمَا فَجَائِزٌ كَمَا فِي ح وَمُقْتَضَى آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْغَزْلِ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعُودُ. اهـ عبق.

(قَوْلُهُ: إلَّا كَخَشَبٍ) رُبَّمَا أَدْخَلَتْ الْكَافُ جَوَازَ كِرَائِهَا بِشَجَرٍ لَيْسَ بِهِ ثَمَرٌ أَوْ بِهِ، وَهُوَ مُؤَبَّرٌ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِرَبِّهَا لَا بِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا) هَذَا يَتَنَاوَلُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالرَّصَاصَ وَالنُّحَاسَ وَالْكِبْرِيتَ وَالْمَغْرَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ سَائِرِ الْمَعَادِنِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَنْبُتَ بِنَفْسِهَا فِي الْأَرْضِ وَيَطُولَ مُكْثُهَا فِيهَا

(قَوْلُهُ: لِبَلَدٍ بَعِيدٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فَأَجْرُ مِثْلِهِ وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ نِصْفُهُ لِلْحَمَّالِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّذِي حَمَلَ مِنْهُ، وَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي دَبْغِ الْجُلُودِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إذْ فَرَغَ وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: لِعُرْفٍ) أَيْ أَوْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ أَيْ، وَأَمَّا قَبْضُهُ بِالْفِعْلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا عُرْفَ، وَلَا شَرْطَ فَلَا يَكْفِي فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ، وَإِلَّا يَحْصُلُ تَعْجِيلٌ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَعْجِيلٌ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَتْ أَيْ، وَلَوْ حَصَلَ تَعْجِيلٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّعْجِيلَ (قَوْلُهُ: فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِلْزَامِ، وَلَوْ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا جَازَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَمْرًا فَكَأَنَّهُ مَا عَقَدَ إلَّا عَلَيْهِ إذْ عَقْدُ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ.

وَأَمَّا دَفْعُ دَرَاهِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأُجْرَةِ لِيُسْرِعَ لَهُ بِالْعَمَلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ، وَلَا غَيْرِهِ) بَلْ، وَلَوْ قَيَّدَ إنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِبُ أَنَّ مَا هُنَا أُرِيدَ بِهِ قِسْمَةُ الْأَثْمَانِ، وَمَا يَأْتِي أُرِيدَ بِهِ قِسْمَةُ نَفْسِ الْحَطَبِ لَا أَنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ) أَيْ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنِ الْمَحْمُولِ كَالْحَطَبِ وَالْمَاءِ وَقَوْلُهُ: أَوْ أُجْرَةٍ أَيْ أُجْرَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015