إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ يَتَعَيَّنُ فَسْخُهَا هَدَرًا سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاتِهِ إذْ لَمْ يَضَعْ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ، وَأَمَّا إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) عُثِرَ عَلَيْهَا (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْعَمَلُ وكَانَتْ الْمُدَّةُ سَنَةً وَاحِدَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ) مُدَّةٍ (أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ فَتَنْفَسِخُ أَيْضًا (إنْ وَجَبَتْ) فِيهَا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِيهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَجَبَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الصُّورَتَيْنِ
(وَ) الْوَاجِبُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَمَلُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ خَرَجَا عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمُسَاقَاةِ فَهَذَا فِي قُوَّةِ جَوَابِ سُؤَالِ سَائِلٍ قَالَ لَهُ وَمَا ضَابِطُ مَا يَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَقَالَ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْعَمَلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (كَإِنْ ازْدَادَ) أَحَدُهُمَا (عَيْنًا أَوْ عَرَضًا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي حَائِطِهِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ وَبِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ وَذَلِكَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُوجِبُ الرَّدَّ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُحْسَبُ مِنْهَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى الْجُزْءَ الْمُسَمَّى بِمَا دَفَعَهُ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَبِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُرَدَّ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ (وَإِلَّا) يَخْرُجَا عَنْهَا بِأَنْ جَاءَ الْفَسَادُ مِنْ عَقْدِهَا عَلَى غَرَرٍ وَنَحْوِهِ (فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) وَذَكَرَ لِذَلِكَ تِسْعَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَمُسَاقَاتِهِ مَعَ ثَمَرٍ أَطْعَمَ) أَيْ بَدَا صَلَاحُهُ أَيْ فِيهِ ثَمَرٌ أَطْعَمَ وَلَيْسَ تَبَعًا، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ وَلِمَا إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا ثَمَرُهُ أَطْعَمَ وَالْآخَرُ لَمْ يُطْعِمْ (أَوْ) وَقَعَتْ (مَعَ بَيْعٍ) لِسِلْعَةٍ أَيْ سَاقَاهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ وَبَاعَهُ سِلْعَةً مِنْ الْمُسَاقَاةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْمُسَاقَاةِ مِنْ إجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ وَنِكَاحٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا) أَيْ إذَا اُطُّلِعَ عَلَى فَسَادِهَا (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ كُلُّهَا سَنَةً (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ) أَيْ أَوْ عُثِرَ عَلَى فَسَادِهَا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ حُكْمُ مَا إذَا عُثِرَ عَلَى الْفَسَادِ قَبْلَ الْعَمَلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّنَةَ قَلِيلَةٌ فِي جَانِبِ أَكْثَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَتْ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِكَوْنِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلِ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ لِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ كَأَنْ زَادَ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ عَيْبًا أَوْ عَرْضًا فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ وَيَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَبَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِكَوْنِ الْفَسَادِ مِنْ عَقْدِهَا لَا لِخُرُوجِهَا عَنْهَا لِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ عَمَلَ دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَائِطَ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ إبْقَاؤُهَا إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا وَكَانَ لَهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ إلَّا مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَوْ فُسِخَتْ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعْلِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ اهـ.
ثُمَّ إنْ لَزِمَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ الْإِطْلَاعِ، وَأَمَّا الْمُدَّةُ الَّتِي قَبْلَ الْإِطْلَاعِ عَلَى الْفَسَادِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْهُ
(قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ بَعْدَهُ) أَيْ وَالْوَاجِبُ إذَا فُسِخَتْ بَعْدَ الْعَمَلِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ إنْ خَرَجَا عَنْهَا) أَيْ لِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ لِبَيْعٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ ازْدَادَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا) يَتَحَقَّقُ فِي زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا الْخُرُوجُ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَالْخُرُوجُ لِبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ) قَالَ ابْنُ سِرَاجٍ: إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَا يَجِدَ رَبُّ الْحَائِطِ عَامِلًا إلَّا مَعَ دَفْعِهِ لَهُ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْجُزْءِ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ لِلْعَامِلِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مُسَاقَاةَ الْمِثْلِ وَاجِبَةٌ فِي حَائِطِهِ فَيَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِمَا عَمِلَ فِيهِ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي ح قُبَيْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ سَاقَيْته أَوْ أَكْرَيْتُهُ إلَخْ أَنَّ الْعَامِلَ أَحَقُّ بِالْحَائِطِ فِيمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ هَذَا فِي الْمُسَاقَاةِ نَعَمْ فِي الْقِرَاضِ لَيْسَ أَحَقَّ بِمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا فِي الْفَلَسِ وَلَا فِي الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ تَبَعًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الثَّمَرُ الَّذِي بَدَا صَلَاحُهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ) أَيْ فِيهِ ثَمَرٌ أَطْعَمَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ مِنْ نَوْعٍ مُغَايِرٍ لِلنَّوْعِ الَّذِي لَمْ يُطْعِمْ.
(قَوْلُهُ وَالْآخَرُ لَمْ يُطْعِمْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الْمُسَاقَاةِ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ كَانَ لَهُ فِيمَا لَمْ يُثْمِرْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَالْعِلَّةُ فِي فَسَادِ هَذِهِ الْمُسَاقَاةِ احْتِوَاؤُهَا عَلَى بَيْعِ ثَمَرٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى لِلْعَامِلِ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ الْعَمَلُ وَلَا يُقَالُ أَصْلُ الْمُسَاقَاةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُسَاقَاةُ خَرَجَتْ عَنْ أَصْلٍ فَاسِدٍ وَلَا يَتَنَاوَلُ خُرُوجُهَا هَذَا الْفَرْعَ لِخُرُوجِ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ سَنَةِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ كَوْنِهَا قَبْلَ الْإِطْعَامِ فَبَقِيَ هَذَا الْفَرْعُ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ سَاقَيْتُكَ حَائِطِي وَبِعْتُك سِلْعَةَ كَذَا بِدِينَارٍ وَثُلُثِ الثَّمَرَةِ وَالْعِلَّةُ فِي فَسَادِهَا اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالْمُسَاقَاةِ فَإِذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ مَضَتْ وَكَانَ لِلْعَامِلِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إنَّ كُلَّ مَا يَمْتَنِعُ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: