فِي أَكْلِهِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ) عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى غَيْرِهِ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفَضُّلَ (فَلْيَتَحَلَّلْهُ) أَيْ يَتَحَلَّلُ رَبَّ الْمَالِ بِأَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الْمُسَامَحَةَ (فَإِنْ أَبَى) مِنْ مُسَامَحَتِهِ (فَلْيُكَافِئْهُ) أَيْ يُعَوِّضُهُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ

[باب في بيان أحكام المساقاة]

[دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ، وَهِيَ عَقْدٌ عَلَى خِدْمَةِ شَجَرٍ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ بِجَمِيعِهَا بِصِيغَةٍ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْقِرَاضِ ظَاهِرَةٌ (إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ) بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَهِيَ مَصَبُّ الْحَصْرِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الزَّرْعِ وَالْمَقْثَأَةِ وَنَحْوِهِمَا (وَإِنْ بَعْلًا) ، وَهُوَ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ وَلَا يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَهُ لِلْعَمَلِ يَقُومُ مَقَامَ السَّقْيِ (ذِي ثَمَرٍ) أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ بِأَنْ كَانَ يُثْمِرُ فِي عَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ أَمْ لَا، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ الْوَدِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ (لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) عِنْدَ الْعَقْدِ أَيْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَهُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاتُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ (وَلَمْ يُخْلِفْ) عَطْفٌ عَلَى ذِي ثَمَرٍ أَيْ شَجَرٍ ذِي ثَمَرٍ وَشَجَرٌ لَمْ يُخْلِفْ فَإِنْ كَانَ يُخْلِفُ لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاتُهُ وَيُخْلِفُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِنْ أَخْلَفَ وَالْمُرَادُ بِمَا يُخْلِفُ مَا يُخْلِفُ إذَا لَمْ يُقْطَعَ كَالْمَوْزِ فَإِنَّهُ إذَا انْتَهَى أَخْلَفَ؛ لِأَنَّهُ تَنْبُتُ أُخْرَى مِنْهُ بِجَانِبِ الْأُولَى تُثْمِرُ قَبْلَ قَطْعِ الْأُولَى وَهَكَذَا دَائِمًا فَانْتِهَاؤُهُ بِمَنْزِلَةِ جَذِّهِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ مِنْهُ يَنَالُهُ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ فَكَأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مَا يُخْلِفُ مَعَ الْقَطْعِ كَالسِّدْرِ فَإِنَّهُ يُخْلِفُ إذَا قُطِعَ فَتَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ وَسَيَأْتِي فِي مُسَاقَاةِ الزَّرْعِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ لَا يُخْلِفَ أَيْضًا لَكِنَّ الْإِخْلَافَ فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ بِجَذِّهِ، فَالْإِخْلَافُ فِي الشَّجَرِ غَيْرُ مَعْنَى الْإِخْلَافِ فِي الزَّرْعِ (إلَّا تَبَعًا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَا ثَمَرَ فِيهِ وَمَا حَلَّ بَيْعُهُ وَمَا يُخْلِفُ تَبَعًا لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِمَفْهُومِ الثَّانِي أَيْ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُسْرَ فِيهَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ طَعَامُ كُلٍّ مُسَاوِيًا لِطَعَامِ الْآخَرِ أَوْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْهُ.

وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهَا بَالٌ لَمْ تَسْمَحْ بِهَا النُّفُوسُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُفَاضَلَةَ فَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: بِأَنْ لَا يَزِيدَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ قَصْدِ الْمُفَاضَلَةِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ) أَيْ فِيمَا زَادَهُ مِنْ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ

[بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ]

(بَابُ الْمُسَاقَاةِ) (قَوْلُهُ عَقْدٌ عَلَى خِدْمَةِ شَجَرٍ) إنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْعَقْدُ مُسَاقَاةً مَعَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِغَيْرِ السَّقْيِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ كَالنَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَالْمِقْثَأَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ ظَاهِرَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ بِجُزْءٍ مَجْهُولِ الْكُمِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ مُسْتَثْنَاةٌ لِلضِّرْوَةِ مِنْ أُمُورٍ خَمْسَةٍ مَمْنُوعَةٍ الْأَوَّلُ بَيْعٌ بِثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، الثَّانِي بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً إذَا كَانَ الْعَامِلُ يَغْرَمُ طَعَامَ الدَّوَابِّ وَالْأُجَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ طَعَامًا بَعْدَ مُدَّةٍ، الثَّالِثُ الْغَرَرُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخْرُجُ عَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَةِ الثَّمَرَةِ، الرَّابِعُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَالثِّمَارَ كِلَاهُمَا غَيْرُ مَقْبُوضٍ الْآنَ، الْخَامِسُ الْمُخَابَرَةُ، وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِتَرْكِ الْبَيَاضِ لِلْعَامِلِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى سَقْيِ شَجَرٍ فَهِيَ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ لِوَاحِدٍ كَ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ، وَأَرَادَ بِالشَّجَرِ مَا يَشْمَلُ النَّخْلَ (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ مَصَبُّ الْحَصْرِ أَيْ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ مُنْصَبًّا عَلَى الشَّجَرِ بِقَيْدٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ صِحَّةً مُطْلَقَةً فِي شَجَرٍ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ عَجَزَ رَبُّهُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ بَعْلًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَيْحًا أَيْ يَشْرَبُ بِالْمَاءِ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بَعْلًا وَبَالَغَ عَلَى الْبَعْلِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ لِبُعْدِهِ عَنْ مَحَلِّ النَّصِّ، وَهُوَ السَّقْيُ لَا لِرَدٍّ عَلَى قَائِلٍ بِعَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ عبق فَقَدْ قَالَ بْن لَمْ أَرَ وُجُودَ الْخِلَافِ فِي مُسَاقَاةِ الْبَعْلِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَدِيِّ) أَيْ، وَهُوَ النَّخْلُ الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) صِفَةٌ لِثَمَرٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَفِي الْبَلَحِ بِاحْمِرَارِهِ أَوْ اصْفِرَارِهِ وَفِي غَيْرِهِ بِظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ) أَيْ وَأَجَازَ سَحْنُونٌ الْمُسَاقَاةَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى حُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى ذِي) أَيْ لَا عَلَى لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ صِفَةٌ لِثَمَرٍ وَعَدَمَ الْإِخْلَافِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَوْصَافِ الشَّجَرِ لَا الثَّمَرِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِمَا يَخْلُفُ) أَيْ مِنْ الشَّجَرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا انْتَهَى) أَيْ طَيَّبَ ثَمَرَهُ (قَوْلُهُ يَنَالُهُ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُثْمِرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مَا يَخْلُفُ مِنْ الْقَطْعِ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَقْطَعْ (قَوْلُهُ كَالسِّدْرِ) أَيْ وَالسَّنْطِ وَالتُّوتِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِجَذِّهِ) أَيْ كَالْقُرْطِ وَالْبِرْسِيمِ وَالْمُلُوخِيَّةِ (قَوْلُهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ كَمَا فِي ح عَنْ الْبَاجِيَّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَا يَخْلُفُ تَبَعًا) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَإِذَا دَخَلَ تَبَعًا كَانَ لَهُمَا وَلَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ إمَّا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ يَنَالُهُ بِسَقْيِهِ مَشَقَّةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وُرُودُ السُّنَّةِ فِي الْأَرْضِ اُنْظُرْ بْن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015