حَيْثُ لَمْ يَتَّضِحْ الْحَالُ (فَإِنْ تَفَاحَشَ) الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِأَنْ ظَهَرَ ظُهُورًا بَيِّنًا (أَوْ ثَبَتَا) بِالْبَيِّنَةِ (نُقِضَتْ) الْقِسْمَةُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ حَلَفَ إلَخْ هُنَا بِأَنْ يَقُولَ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُنْكِرُ، وَهَذَا مَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ كَالْعَامِ أَوْ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِمَا وَقَعَ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا لَا خَفَاءَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا كَلَامَ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ عِنْدَ الْإِشْكَالِ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ وَشَبَّهَ فِي النَّظَرِ وَالنَّقْضِ قَوْلَهُ (كَالْمُرَاضَاةِ) فَيُنْظَرُ فِيهَا عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ (إنْ أَدْخَلَا) فِيهَا (مُقَوِّمًا) يُقَوِّمُ لَهُمَا السِّلَعَ أَوْ الْحِصَصَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُشْبِهُ الْقُرْعَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِلَا تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ فَلَا تُنْقَضُ.
وَلَوْ ظَهَرَ التَّفَاحُشُ وَلَا يُجَابُ لَهُ مَنْ طَلَبَهُ لِدُخُولِهِمْ عَلَى الرِّضَا (وَأُجْبِرَ لَهَا) أَيْ لِقِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كُلٌّ) مِنْ الشُّرَكَاءِ الْآبِينَ إذَا طَلَبَهَا الْبَعْضُ (إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ) مِنْ الْآبِينَ وَغَيْرُهُمْ انْتِفَاعًا تَامًّا عُرْفِيًّا بِمَا يُرَادُ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي دَعْوَى أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ أَنَّ مَا بِيَدِهِ أَقَلُّ مِنْ نَصِيبِهِ بِالْقِسْمَةِ لِجَوْرٍ بِهَا، وَهُوَ مَا كَانَ عَنْ عَمْدٍ أَوْ غَلَطٍ مِنْ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ عَمْدٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ ذَلِكَ مَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ لَمْ يُتَفَاحَشْ وَلَمْ يَثْبُتْ حَلَّفَ الْمُنْكَرَ لِدَعْوَى صَاحِبِهِ الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ، وَإِنْ تَفَاحَشَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِأَنْ ظَهَرَ حَتَّى لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ ثَبَتَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ نُقِضَتْ وَقَوْلُهُ وَنَظَرَ إلَخْ هَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ.
(قَوْلُهُ حَيْثُ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ حَلَّفَ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَفَاحَشَ) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ شَيْئَانِ الْجَوْرُ وَالْغَلَطُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَثَنَّى ثَانِيًا نَظَرًا لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَ) أَيْ أَوْ لَمْ يُتَفَاحَشْ وَلَكِنْ ثَبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ نَقَضَ الْقِسْمَةَ) أَيْ فَإِنْ فَاتَتْ الْأَمْلَاكُ بِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ رُجِعَ لِلْقِيمَةِ يَقْسِمُونَهَا فَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ سَائِرُهُ عَلَى حَالِهِ اُقْتُسِمَ مَا لَمْ يَفُتْ مَعَ قِيمَةِ مَا فَاتَ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ ظَاهِرُهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ بِثُبُوتِ الْغَلَطِ.
وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ الْيَسِيرِ كَالدِّينَارِ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَلِّفْ إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ نَقْضِهَا مَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ.
حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ مَحَلَّ نَقْضِ الْقِسْمَةِ إنْ قَامَ وَاجِدُهُ بِالْقُرْبِ وَحَدَّهُ ابْنُ سَهْلٍ بِعَامٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَهُ كَنِصْفِ سَنَةِ كَهُوَ.
وَأَمَّا إنْ قَامَ وَاجِدُهُ بَعْدَ طُولٍ فَلَا نَقْضَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ ثَبَتَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَفَاحِشًا ظَاهِرًا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِدَعْوَى مُدَّعِيه وَلَوْ قَامَ بِالْقُرْبِ حَيْثُ سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا رَضِيَ بِهِ فَإِنْ حَلَفَ كَانَ لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ إطْلَاعِهِ عَلَيْهِ وَرِضَاهُ بِهِ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّ بِنَصِيبِهِ جَوْرًا أَوْ غَلَطًا لِظُهُورِهِ لِلْعَارِفِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ عِنْدَ الْإِشْكَالِ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا نَكَلَ قُسِمَ مَا ادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلٍّ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا تُسَاوِي عَشَرَةً وَالْآخَرِ تُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى دَعْوَى مُدَّعِي الْجَوْرِ أَوْ الْغَلَطِ فَاَلَّذِي حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ مَا يُقَابِلُ خَمْسَةً فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَدِّ يَمِينٍ إنْ اتَّهَمَهُ الْمُنْكِرُ أَوْ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي إنْ حَقَّقَ الْمُنْكِرُ كَذِبَهُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَيُنْظَرُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُرَاضَاةِ عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ فَإِنْ وُجِدَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ فِيهَا فَاحِشًا ظَاهِرًا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمْ نُقِضَتْ، وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ نُقِضَتْ إنْ كَانَ الْجَوْرُ كَثِيرًا لَا قَلِيلًا كَمَا لِعِيَاضٍ وَغَيْرِهِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْمُرَاضَاةِ غَيْرُ تَامٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَوْرَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ تَنْتَقِضُ بِهِ الْقُرْعَةُ سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عَلِمْت.
وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَلَا تَنْتَقِضُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا نَعَمْ عَلَى مَا قَابَلَ الْمُعْتَمَدَ فِي الْقُرْعَةِ يَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يُجَابُ لَهُ) أَيْ لِلنَّقْضِ الْمَفْهُومِ مِنْ تُنْقَضُ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ لَهَا) أَيْ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ ضَمَّنَ أُجْبِرَ مَعْنَى الْجَيْءِ فَلِهَذَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا إذَا طَلَبَهَا الْبَعْضُ كَانَتْ حِصَّةُ الطَّالِبِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي عَلَيْهَا إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ.
وَلَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ بَعْدَ الْقَسْمِ يَنْقُصُ ثَمَنُهَا عَمَّا يَخُصُّهَا لَوْ بِيعَ الْمَقْسُومُ بِتَمَامِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ انْتِفَاعًا تَامًّا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ انْتِفَاعُهُ بَعْدَ الْقَسْمِ مُجَانِسًا لِانْتِفَاعِهِ فِي قَبْلِ الْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ وَالْمُرْتَفَقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الْقَسْمِ مُسَاوِيًا لِانْتِفَاعِهِ قَبْلَهُ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ سُكْنَاهُ بَعْدَ الْقَسْمِ كَسُكْنَاهُ قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَسْمُ يُؤَدِّي لِعَدَمِ سُكْنَاهُ بَلْ لِإِيجَارِهِ فَقَطْ فَلَا يُجْبَرُ حِينَئِذٍ وَيُقْسَمُ مُرَاضَاةً أَوْ مُهَايَأَةً خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فَالْمَدَارُ عِنْدَهُ عَلَى أَيِّ انْتِفَاعٍ كَانَ (قَوْلُهُ بِمَا يُرَادُ لَهُ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ كَبَيْتِ السُّكْنَى وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ كُلٌّ انْتِفَاعًا تَامًّا لَا يُجْبَرُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيُقْسَمُ بِالتَّرَاضِي